الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث ـ مصادر الحق وأسبابه
الرابع ـ أحكام الحق
المبحث الأول ـ تعريف الحق وأركانه
وفيه مطلبان:
المطلب الأول ـ تعريف الحق:
الحق في اللغة العربية له معان مختلفة تدور حول معنى الثبوت والوجوب مثل قوله تعالى: {لقد حقَّ القولُ على أكثرهم، فهم لا يؤمنون} [يس:7/ 36] أي ثبت ووجب. وقوله سبحانه: {ليُحِقَّ الحقَّ ويُبْطِلَ الباطِل َ} [الأنفال:8/ 8] أي يثبت ويظهر. وقوله عز وجل: {جاءَ الحقُّ وزَهَقَ الباطِل} [الإسراء:81/ 17] أي الأمر الموجود الثابت. وقوله تعالى: {وللمطلقاتِ متاعٌ بالمعروف حقاً على المتقين} [البقرة:241/ 2] أي واجباً عليهم.
وتطلق كلمة الحق على النصيب المحدد لمثل قوله تعالى: {والذين في أموالهم حقٌّ معلومٌ، للسائل والمحروم} [المعارج:24/ 70 - 25]،كما تطلق على العدل في مقابلة الظلم مثل قوله تعالى:{والله يقضي بالحقِّ} [غافر:20/ 40].
وأما عند الفقهاء فقد ورد تعريف للحق عند بعض المتأخرين فقال: الحق: هو الحكم الثابت شرعاً (1). ولكنه تعريف غير جامع ولا شامل لكل ما يطلق عليه لفظ الحق عند الفقهاء. فقد يطلق الحق على المال المملوك وهو ليس حكماً، ويطلق
(1) حاشية قمر الأقمار على شرح المنار للشيخ عبد الحليم اللكنوي، أول مبحث الحقوق.
على الملك نفسه، وعلى الوصف الشرعي كحق الولاية والحضانة والخيار، ويطلق على مرافق العقار كحق الطريق والمسيل والمجرى. ويطلق على الآثار المترتبة على العقود كالالتزام بتسليم المبيع أو الثمن.
وعرفه بعض الأساتذة المعاصرين، فقال أستاذنا الشيخ علي الخفيف: الحق: هو مصلحة مستحقة شرعاً (1). لكنه تعريف بالغاية المقصودة من الحق، لا بذاتيته وحقيقته، فإن الحق: هو علاقة اختصاصية بين صاحب الحق والمصلحة التي يستفيدها منه.
وقال الأستاذ مصطفى الزرقاء: الحق: هو اختصاص يقرر به الشرع سلطةً أو تكليفاً (2). وهو تعريف جيد؛ لأنه يشمل أنواع الحقوق الدينية كحق الله على عباده من صلاة وصيام ونحوهما، والحقوق المدنية كحق التملك، والحقوق الأدبية كحق الطاعة للوالد على ولده، وللزوج على زوجته، والحقوق العامة كحق الدولة في ولاء الرعية لها، والحقوق المالية كحق النفقة، وغير المالية كحق الولاية على النفس.
ويتميز هذا التعريف بأنه أبان ذاتية الحق بأنه علاقة اختصاصية بشخص معين، كحق البائع في الثمن يختص به، فإن لم يكن هناك اختصاص بأحد، وإنما كان هناك إباحة عامة كالاصطياد والاحتطاب والتمتع بالمرافق العامة، فلا يسمى ذلك حقاً، وإنما هو رخصة عامة للناس.
والسلطة: إما أن تكون على شخص كحق الحضانة والولاية على النفس، أو على شيء معين كحق الملكية.
(1) مذكرات الحق والذمة: ص 36.
(2)
المدخل إلى نظرية الالتزام في الفقه: ف 3 ص 10 ومابعدها.