الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجود شرط فاسد أو مفسد في العقد وهو ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولا ورد به الشرع ولا يتعارفه الناس، وإنما فيه منفعة لأحد المتعاقدين. ويمكن حصر أسباب الفساد كما تقدم في ستة: الإكراه، والغرر (غرر الوصف)، والجهالة، والتوقيت، والضرر الذي يصحب التسليم، والشرط الفاسد، ومنه الربا، أما فساد بيع المنقول قبل قبضه فيرجع للضرر (1).
وبه يتضح أن
أسباب انحلال العقد في الفقه الإسلامي
ثلاثة:
1 - كون العقد غير لازم
.
2 - الفسخ
.
3 - الإقالة
(2).
أنواع الفسخ:
1 - الفسخ الاتفاقي (أوالإقالة) والفسخ بحكم القضاء، والفسخ بحكم الشرع:
(31) - الفسخ الاتفاقي كما تقدم: هو إنهاء العقد باتفاق العاقدين، إذ إن فسخ العقد يكون بالوسيلة نفسها التي عقد بها العقد، فكما نشأ العقد بإيجاب وقبول متطابقين على إنشائه، كذلك يزول بإيجاب وقبول متوافقين على إلغائه، فالعقد: اتفاق ينشئ الالتزام، أما الإقالة فهي اتفاق يقضيه. ومحل الإقالة: إلغاء الالتزامات التي نشأت من العقد الذي أقيل، وسببها: هو الباعث الذي دفع المتقايلين إلى هذا الإلغاء.
(1) راجع المبسوط: 9/ 13 - 10.
(2)
مصادر الحق للسنهوري: 190/ 6.
وقد تتم الإقالة بإرادة منفردة إذا اتفق عليها بإرادتين سابقتين، وعلى أي حال فإن الإقالة التي هي فسخ اتفاقي لا تخل بالمعاوضة لأي من العاقدين، وإنما تدل على أن الرضا الكامل بالعقد غير متوافر.
(32)
ـ ويقرب من الإقالة: الرجوع في الهبة إذا تم بالتراضي، فهذه إقالة من الهبة، وقد يتم الرجوع في الهبة بغير الإقالة، وذلك بطريق القضاء إذا لم يقبل الموهوب له الإقالة، واستند الطلب إلى عذر مقبول، ولم يوجد مانع من الرجوع (1). والعذ ر المقبول مثل إخلال الموهوب له بما يجب نحو الواهب، أو عجز الواهب عن توفير أسباب المعيشة لنفسه أو أن يرزق ولداً بعد الهبة، وموانع الرجوع في الهبة هي الزوجية والقرابة والتصرف في الموهوب، والزيادة المتصلة في الموهوب أو تغييره على وجه تبدل فيه اسمه، كخياطة القماش ثوباً، وموت أحد العاقدين، وهلاك الموهوب أو استهلاكه، والعوض في الهبة، وحال كون الهبة صدقة لفقير أو جهة بر، وهبة الدين للمدين. ويلاحظ أن الزواج يقبل الفسخ قبل التمام لا بعده، فلا تصح إقالته (2).
(33)
- وأما الفسخ بحكم القضاء أو الفسخ الجبري: فيكون إذا لم يحدث الفسخ بالتراضي، أو لرفع فساد العقد. ففي البيع المشتمل على خيار العيب، وفي حالة الهلاك غير الكلي حيث يكون العقد في حاجة إلى فسخ، يرى الحنفية أن المبيع إذا كان في يد البائع، فينفسخ البيع بقول المشتري: رددت، ولا يحتاج إلى قضاء القاضي، ولا إلى التراضي باتفاق الحنفية والشافعية.
وأما إن كان المبيع في يد المشتري، فلا ينفسخ إلا بقضاء القاضي أو بالتراضي
(1) مصادر الحق للسنهوري: 244/ 6 - 246.
(2)
الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص 177.
عند الحنفية؛ لأن الفسخ بعد القبض يكون على حسب العقد؛ لأنه يرفع العقد، وبما أن العقد لا ينعقد بأحد العاقدين، فلا ينفسخ بأحدهما من غير رضا الآخر، ومن غير قضاء القاضي، بخلاف الفسخ قبل القبض؛ لأن الصفقة ليست تامة حينئذ، بل تمامها بالقبض، فكان بمنزلة القبض (1). أما في خيار الرؤية فيرد المشتري المبيع بمحض إرادته دون حاجة إلى التراضي أو التقاضي، سواء كان ذلك قبل قبض المبيع أو كان بعد القبض. فإذا رد من له الخيار، ولو بعد قبض المبيع، رد بمحض إرادته دون حاجة إلى التراضي أو التقاضي.
ويرى الجمهور أن العقد ينفسخ بقول المشتري: رددت، بغير حاجة إلى قضاء، ولا إلى رضا البائع؛ لأن الفسخ لا تفتقر صحته إلى القضاء، ولا إلى الرضا كالفسخ بخيار الشرط بالاتفاق، وبخيار الرؤية على أصل الحنفية (2).
(34)
- ويفسخ القاضي العقد عند الاطلاع على فساده ورفع الأمر إليه، كفسخ البيع الفاسد عند الحنفية إذا وجد فيه أحد أسباب الفساد الستة المتقدمة وهي الإكراه، والغرر، والجهالة، والتوقيت، والضرر الذي يصحب التسليم، والشرط الفاسد، والربا.
ولا يشترط أن يحكم القاضي بالفسخ، ما لم يكن الفسخ بسبب عيب في المبيع، وكان المشتري قد قبض المبيع.
وأسباب الفسخ القضائي أو حالاته: هي استحالة التنفيذ، وعدم التنفيذ، والإعذار في العقود المستمرة، والشرط الفاسخ الصريح أو الخيارات الاتفاقية.
(35)
- وأما الفسخ بحكم الشرع: فيكون بسبب الخلل الحاصل في
(1) البدائع: 281/ 5، 298.
(2)
مغني المحتاج: 57/ 2، المهذب: 284/ 1، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: 121/ 3، 138، المغني: 109/ 4.