الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن ظهر كون الجارح معلماً، ثم أكل مرة من لحم صيد، لم يحل الصيد في الأرجح عند الجمهور غير المالكية، لحديث عدي السابق، ولأن عدم الأكل شرط في التعلم ابتداء ودواماً، فيشترط تعليم جديد. وأجاز الحنفية أكل ما أكل منه البازي؛ لأن ترك الأكل ليس شرطاً عندهم في تعليمه.
وقال المالكية: يؤكل (1)، لعموم قوله تعالى:{فكلوا مما أمسكن عليكم} [المائدة:4/ 5] وحديث أبي ثعلبة: «ما صدت بقوسك، فذكرت اسم الله عليه، فكل، وما صدت بكلبك المُعلَّم، فذكرت اسم الله عليه، فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم، فأدركت ذكاته فكل (2)» ولأن الأكل يحتمل أن يكون لفرط جوع، أوغيظ على الصيد.
ويحل الصيد الذي صاده قبل الأكل، كما يحل في الراجح عند الحنابلة ما صاده الكلب بعد الصيد الذي أكل منه (3).
و
هل يجب غسل معضّ الكلب أي أثر فم الكلب
؟ قال الشافعية وفي وجه عند الحنابلة (4): معض الكلب نجس، ولا يعفى عنه، لأنه ثبتت نجاسته، فيجب غسل ما أصابه كبوله، ويغسل سبعاً إحداهن بالتراب. وقال المالكية وهو الوجه الثاني عند الحنابلة: لا يجب غسله؛ لأن الله تعالى ورسوله أمرا بأكله، ولم يأمرا بغسله، والكلب طاهر في مذهب المالكية، فيؤكل موضع نابه.
الثاني ـ أن يذهب على سنن الإرسال
ولو من غير تعيين عند الحنفية. أما عند
(1) المراجع السابقة.
(2)
متفق عليه بين أحمد والشيخين (نيل الأوطار: 130/ 8).
(3)
المغني: 545/ 8.
(4)
مغني المحتاج: 276/ 4، المغني: 546/ 8، المهذب: 253/ 1.
المالكية والشافعية والحنابلة فلا بد من أن يرسله الصائد من يده على الصيد بعد أن يراه ويعينه (1). فإن انبعث من نفسه لم يؤكل اتفاقاً. ومن سمع حساً ظنه حس صيد، فرماه، أو أرسل كلباً أو بازاً عليه، فأصاب صيداً ثم تبين أنه صيد، حل المصاب عند الحنفية، لأنه قصد الاصطياد.
وإن زجره بعد انبعاثه من تلقاء نفسه، فرجع إليه، ثم أشلاه (أغراه)، أكل. وإن لم يرجع إليه، بعد أن انزجر، ثم زاد في عدوه، أبيح صيده عند الحنفية والحنابلة، وهو الأولى؛ لأن الزجر مثل الإرسال من حيث كونه فعل الصائد، فالزجر إرسال لأنه دليل الطاعة. ولم يبح عند المالكية والشافعية، كما ذكر سابقاً، تغليباً لجانب المنع؛ لأنه اجتمع إرسال بنفسه وإغراء، فغلب الأول (2).
وإن أرسله على صيد بعينه، فصاد غيره، لم يؤكل عند غير الحنفية. فإن أرسل، ولم يقصد شيئاً معيناً، وإنما قصد ما يأخذ الجارح، أو ما تقتل الآلة في جهة محصورة كالغار وشبهه، جاز على المشهور عند المالكية. وإن كانت جهة غير معينة كالمتسع من الأرض والغياض أو كان الإرسال على كل صيد يعثر عليه، لم يجز ولم يبح المصيد عندهم. ولو اضطرب الجارح فأرسله الصائد، ولم ير شيئاً، وليس المكان محصوراً من غار أو غيضة، فصاد شيئاً، لم يؤكل لاحتمال أن يكون غير المضطرب عليه ولم ينوه، فإن نواه وغيره أكل. وقيل: لا يؤكل.
ولا بد عند الشافعية والحنابلة: أن يقصد صيداً معيناً، لا مبهماً، فلو أرسل
(1) رد المحتار: 328/ 5، تكملة الفتح: 181/ 8، تبيين الحقائق: 54/ 6 ومابعدها، الشرح الكبير: 106/ 2، القوانين الفقهية: ص 177، المغني: 545/ 8، مغني المحتاج: 277/ 4، كشاف القناع: 222/ 6، 225، المهذب: 255/ 1.
(2)
فيه حديث موقوف على ابن مسعود وهو: «ما اجتمع الحلال والحرام، إلا وغلب الحرام الحلال» وفيه ضعيف وانقطاع (نصب الراية: 314/ 4).