الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما كون العقد مفيداً (1): فهو أن يحقق مصلحة معقولة. فلا ينعقد الرهن مثلاً في مقابل الأمانة كالوديعة؛ لأن المرهون به يجب أن يكون مضموناً (2)؛ لأن قبض الرهن مضمون، فلا بد أن يقابله مضمون، والوديعة ونحوها أمانة غير مضمونة. ولا يصح التعاقد بين اثنين على عدم الاشتغال في التجارة مثلاً؛ لأن ذلك مصادم لمبدأ حرية الإنسان الاقتصادية، وحماية هذه الحرية من النظام العام في الإسلام.
كما لا يصح التعاقد أيضاً على أمر واجب على الإنسان شرعاً، كالاتفاق على الامتناع من فعل جريمة، والاستئجار على فعل الواجبات الدينية كالصلاة ومجرد قراءة القرآن (3)، واستئجار الزوجة على القيام بأعمال المنزل أو على إرضاع طفلها؛ لأن ذلك واجب عليها ديانة.
ثانياً ـ شرائط الصحة:
وهي ما يشترط شرعاً لترتيب آثار العقد، فإن فقدت كان العقد فاسداً، أي مختلاً اختلالاً في ناحية فرعية متممة غير أساسية، مع كونه منعقداً موجوداً في حد ذاته.
وأغلب شرائط الصحة خاص بكل عقد على حدة. ففي البيع مثلاً يشترط
(1) المرجع السابق: ف 169.
(2)
الأمانة: هي التي لا تضمن إذا تلفت (أي لا يدفع بدلها) إلا بالتعدي أو التقصير في الحفظ. والمضمون: هو الذي يضمن إذا تلف لأي سبب كان التلف.
(3)
لكن أفتى متأخرو الفقهاء من الحنفية، والمالكية والشافعية بجواز أخذ الأجرة على ممارسة الشعائر الدينية مثل الأذان والإقامة والإمامة في صلاة الجمعة والجماعة، وعلى تعليم القرآن للضرورة خشية ألا يقوم بها أحد فتتعطل (تبيين الحقائق: 124/ 5، البدائع: 191/ 4 ومابعدها، بداية المجتهد: 221/ 1، مغني المحتاج: 344/ 2، المهذب: 398/ 1).
عند الحنفية خلوه من أحد العيوب الستة الآتية: وهي الجهالة، والإكراه، والتوقيت، والغرر (غرر الوصف)، والضرر، والشرط الفاسد (1).
أما الجهالة: فهي الجهالة الفاحشة التي تفضي إلى نزاع يتعذر حله، وهو النزاع الذي تتساوى فيه حجة الطرفين بالاستناد إلى الجهالة. وهي أربعة أنواع: جهالة المبيع أو الثمن جنساً أو نوعاً أو قدراً، وجهالة أجل وفاء الثمن، أو مدة خيار الشرط، وجهالة وسائل التوثيق كتقديم كفيل أو رهن مجهولين.
وأما الإكراه بنوعيه الملجئ والناقص فيفسد العقد عند جمهور الحنفية، ويجعل العقد موقوفاً عند زفر، على التفصيل الذي ذكرسابقاً.
وأما التوقيت: فهو تأقيت البيع بمدة شهر أوسنة، فيفسد؛ لأن ملكية العين لا تقبل التأقيت. كذلك يفسد الزواج في حال تأقيته بمدة معينة؛ لأنه مشروع بصفة التأبيد.
وأما غرر الوصف: فهو كبيع بقرة على أنها تحلب كذا رطلاً، فهو بيع فاسد؛ لأن المقدار المذكور من الحليب موهوم التحقق، فقد ينقص. وأما غرر الوجود: وهو ماكان المبيع فيه محتملاً للوجود والعدم، فيجعل البيع باطلاً كما تقدم.
وأما الضرر: فهو كبيع جذع معين من سقف مبني لا يمكن تسليمه إلا بهدم ما حول الجذع، وكبيع ذراع من ثوب يضره التبعيض.
وأما الشرط الفاسد عند الحنفية (2) فهو كل شرط فيه نفع لأحد المتبايعين، ولم يتعارفه الناس كبيع سيارة على أن يستخدمها شهراً بعد البيع، أو دار على أن
(1) رد المحتار: 6/ 4، فتح القدير: 219/ 5، البدائع: 188/ 7.
(2)
الدر المختار: 127/ 4.