الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقال: فلان العالم والزاهد والجواد والشجاع، فاحتمل المغايرة، واحتمل الصفة، فلا تثبت يمين أخرى مع الشك (1).
تكرار الخبر المقسم عليه:
إذا كرر الحالف الخبر المقسم عليه بأن قال: (والله لا أفعل كذا، لا أفعل) أو قال: (والله لا أكلم فلاناً والله لا أكلمه) فإنه يكون عند الحنفية يمينين إلا إذا أراد بالكلام الثاني الإخبار عن الأول، فإنه يكون يميناً واحدة. والدليل على الحالة الأولى: أن الحالف لما أعاد المقسم عليه، علم أنه أراد به يميناً أخرى، إذ لو أراد الصفة أو التأكيد لما أعاد المقسم عليه (2).
3 - اليمين بالله تعالى بطريق الكناية:
إذا حلف إنسان بالخروج من الإسلام مثل أن يقول: إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو مجوسي أو بريء من الإسلام أو من رسول الله أو من القرآن أو كافر، أو يعبد من دون الله أو يعبد الصليب أو نحوه مما يكون اعتقاده كفراً، فهذا ما اختلف فيه فقهاؤنا: فقال الحنفية (3) وفي رواية عن أحمد: يكون يميناً موجبة للكفارة إذا فعل الشيء المحلوف عليه؛ لأن الناس تعارفوا الحلف بهذه الألفاظ من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير، ولو لم يكن ذلك حلفاً لما تعارفوا؛ لأن الحلف بغير الله تعالى معصية، فدل تعارفهم على أنهم جعلوا المذكور كناية عن الحلف بالله عز وجل، وإن لم يعقل وجه الكناية فيه، كقول العرب:(لله علي أن أضرب ثوبي حطيم (4) الكعبة) فهذا جعل كناية عن النذر بالتصدق في عرفهم، وإن لم يعقل وجه الكناية فيه.
(1) البدائع: 3 ص 9، فتح القدير: 4 ص 13، الدر المختار: 3 ص 57.
(2)
البدائع: 3 ص 10.
(3)
البدائع: المرجع السابق: ص 8، فتح القدير: 4 ص 13، الدر المختار: 3 ص 59، الفتاوى الهندية: 2 ص 51.
(4)
الحطيم: جدار حجر الكعبة، وقيل: ما بين الركن وزمزم والمقام.
وقال المالكية والشافعية والحنابلة في الرواية الصحيحة عندهم: لا يكون ذلك يميناً لخلوه عن ذكر اسم الله تعالى وصفته، ولا كفارة عليه بالحنث فيه، والحلف به معصية، والتلفظ به حرام. هذا إذا قصد بيمينه تبعيد نفسه عن المحلوف عليه، أما لو حلف على قصد الرضا بالتهود وما في معناه إذا فعل الفعل، كفر في الحال، فإن لم يعرف قصده، لا يحكم بكفره، كما رجح الشافعية (1). ويؤيد هذا الرأي ماروى بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من حلف أنه بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فقد قال، وإن كان صادقاً فلم يرجع إلى الإسلام سالماً» (2).
هذا إذا أضاف اليمين إلى المستقبل، فأما إذا أضاف اليمين إلى الماضي بأن قال:(إني يهودي أو نصراني إن فعلت كذا في الماضي) كاذباً قصداً، فهذا يمين الغموس، ولا كفارة فيه عند جمهور الفقهاء، كما بان سابقاً.
لكن هل يكفرُ بقوله هذا؟
اختلف مشايخ الحنفية في ذلك، والصحيح ما روى الحاكم الشهيد عن أبي يوسف أنه لا يكفر؛ لأنه ما قصد به الكفر، ولا اعتقده، وإنما قصد به ترويج كلامه وتصديقه فيه.
وكذلك لا يكفُر في الصحيح إذا قال: (يعلم الله أني فعلت كذا) وهو يعلم
(1) بداية المجتهد: 1 ص 396، الشرح الكبير للدردير: 2 ص 128، مغني المحتاج: 4 ص 324، المهذب: 2 ص 129، المغني: 8 ص 698، القوانين الفقهية: ص 158.
(2)
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي وصححه من حديث بريدة بلفظ «من حلف، فقال: إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً، فهو كما قال؛ وإن كان صادقاً، فلن يرجع إلى الإسلام سالماً» . وروى أبو يعلى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين فهو كما قال: إن قال: إني يهودي فهو يهودي، وإن قال: إني نصراني فهو نصراني، وإن قال: إني مجوسي فهو مجوسي» وفيه عنبس بن ميمون وهو متروك (راجع جامع الأصول: 12 ص 295، سبل السلام: 4 ص 102، نيل الأوطار: 8 ص 233، مجمع الزوائد: 4 ص 177).