الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والظاهرية؛ لأنها في الواقع مبادلة جديدة، فيأخذ كل واحد من المتعاقدين رأس ماله ببدل، وعلى ذلك تعتبر الملكية بالنسبة للغير أنها انتقلت من جديد إلى البائع بالإقالة، فمن اشترى داراً ولها شفيع، فلم يطلب الشفعة بعد علمه بالبيع، ثم أقال العاقدان البيع، فيثبت للشفيع حق طلب الشفعة ثانياً؛ لأن الإقالة عقد جديد في حقه.
وذهب زفر ومحمد والشافعية وأكثر الحنابلة إلى أن الإقالة بالنسبة للغير فسخ كما هو الشأن بالنسبة للعاقدين؛ لأن الإقالة هي الرفع والإزالة، ولأن المبيع عاد إلى البائع بلفظ لا ينعقد به البيع، فكان الاتفاق فسخاً كالرد بالعيب.
2 - أثر الفسخ في الماضي (الأثر المستند والمقتصر) والمستقبل:
(107)
-. للفسخ أثر مستند، أي أثر رجعي منسحب على الماضي، في العقود الفورية كالبيع والمقايضة، فيوجب التراجع فيما نفذ من التزامات، ففسخ البيع يوجب التراد في المبيع والثمن، وكذا انفساخه بهلاك المبيع قبل التسليم يوجب رد الثمن المقبوض؛ لأن الالتزام فيه يصبح بلا سبب. وعلى ذلك لا يمكن طلب الشفعة عند الفسخ.
وينحصر الأثر الرجعي بالعاقدين وورثتهما عند الجمهور غير الحنفية القائلين بانتقال الخيار بالوراثة. أما غير المتعاقدين إذا اكتسب حقاً على العين المبيعة فلا يتأثر برجعية الفسخ، بل يمتنع الفسخ، وتلزم المتعاقدين الصفقة دفعاً للضرر عن الغير (1).
وأما العقود المستمرة أو عقود المدة التي يستمر تنفيذها مع توالي الزمن كعقد
(1) النظرية العامة للفسخ د: الذنون: ص 363.
الإيجار أو الشركة، فإن الفسخ يكون مقتصراً، أي ليس له أثر رجعي، وإنما يسري على المستقبل فقط، وما مضى يكون على حكم العقد، فالفسخ أو الانفساخ يقطعان تأثير هذه العقود بالنسبة إلى المستقبل، ويظل ما مضى على حكم العقد. وكذلك انحلال الوكالة بالعزل لا ينقض تصرفات الوكيل السابقة (1).
(108)
-. وكذلك للإقالة أثر رجعي كالفسخ، بشرط وجود محل العقد عند الإقالة، ووحدة الزمان، وتطابق الإيجاب والقبول، أي رضا المتقايلين وتوافق الإرادتين؛ لأن الإقالة رفع العقد، والمبيع محله، فإن كان هالكاً كله وقت الإقالة، لم تصح، وإن هلك بعضه، لم تصح الإقالة بقدره، ولأن الإقالة عند الجمهور فسخ العقد، والعقد وقع بتراضي العاقدين، فكذا فسخه، أما قيام الثمن وقت الإقالة فليس بشرط (2).
(109)
-. هذا وقد بحث السيوطي أثر الفسخ بالنسبة للماضي بعنوان: هل يرفع الفسخ العقد من أصله أو من حينه؟ فقال:
1 -
فسخ البيع بخيار المجلس أو الشرط: الأصح أنه من حينه.
2 -
الفسخ بخيار العيب والتصرية (ربط ثدي الشاة لتجمع اللبن): الأصح من حينه.
3 -
تلف المبيع قبل القبض: الأصح الانفساخ من حين التلف.
4 -
الفسخ بالتخالف بين البائع والمشتري: الأصح من حينه.
5 -
السلم: يرجع الفسخ إلى عين رأس المال.
(1) المدخل الفقهي العام للأستاذ الزرقاء: ف 304.
(2)
البدائع: 308/ 5 ومابعدها، فتح القدير: 250/ 5 ومابعدها، الدر المختار: 157/ 4.
6 -
الفسخ بالفلس: من حينه.
7 -
الرجوع في الهبة: من حينه قطعا.
8 -
فسخ النكاح بأحد العيوب: الأصح من حينه.
9 -
الإقالة على القول بأنها فسخ: الأصح من حينه (1).
ويلاحظ أن أغلب حالات الفسخ في رأي الشافعية ليس لها أثر رجعي.
وذكر ابن رجب الحنبلي خلافاً في الفسخ بالعيب المستند إلى مقارن للعقد، هل هو رفع للعقد من أصله أو من حينه (2).
وذهب المالكية إلى أن فسخ البيع بسبب العيب إما بحكم الحاكم أو بتراضي المتبايعين رفع للعقد من حينه. وليس له أثر على الماضي، فتكون غلة المردود بعيب للمشتري من وقت عقد البيع وقبض المشتري له، وتثبت الشفعة للشريك بما وقعت به الإقالة (3).
(1) الأشباه والنظائر: ص 317.
(2)
القواعد: ص 116.
(3)
الشرح الصغير: 186/ 2، 210.