الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معصية أم مباح، ولا يجوز التكفير قبل اليمين باتفاق العلماء؛ لأنه تقديم للحكم قبل سببه، فلم يجز كتقديم الزكاة قبل ملك النصاب.
تقديم الكفارة على الحنث:
وهل الكفارة قبل الحنث أفضل أو بعده؟ قال الحنابلة: الكفارة قبل الحنث وبعده سواء في الفضيلة. وقال مالك والشافعية: الكفارة بعد الحنث أفضل لما فيه من الخروج من الخلاف، وحصول اليقين ببراءة الذمة، فيجوز تقديم الكفارة المالية للصوم.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز تقديم الكفارة على الحنث مطلقاً، إنما تجزئ إذا أخرجها بعد الحنث (1). وهذا أولى الآراء؛ لأن المسبب يكون عادة بعد السبب.
نوع الواجب في الكفارة:
الكفارة واجب مطلق، أي ليس له وقت محدد لأدائه، فيجوز القيام به بعد الحنث مباشرة أو بعده في أثناء العمر.
ثم إن الواجب في الكفارة واجب مخير حالة اليسار: (توفر المقدرة المالية) يعني أن الموسر مخير بين أحد أمور ثلاثة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو إعتاق رقبة. وهذا بإجماع العلماء المستند إلى صريح الآية القرآنية السابق ذكرها:{فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة} [المائدة:89/ 5] لأن الله تعالى عطف بعض هذه الخصال على بعض بحرف (أو) وهو للتخيير (2).
(1) المغني، المرجع السابق: ص 712 - 714، بداية المجتهد: 406/ 1، الميزان للشعراني: 130/ 2، مغني المحتاج: 326/ 4، الدر المختار: 67/ 3، المهذب: 141/ 2، شرح تحفة الطلاب للشيخ زكريا الأنصاري: 481/ 2، المبسوط للسرخسي: 147/ 8، فتح القدير: 20/ 4، القوانين الفقهية: ص 166.
(2)
المبسوط: 127/ 8، الفتاوى الهندية: 157/ 2، المغني: 734/ 8، بداية المجتهد: 403/ 1، البدائع: 97/ 5، مغني المحتاج: 327/ 4.
فإذا عجز الإنسان عن كل واحد من الخصال الثلاثة المذكورة، لزمه صوم ثلاثة أيام، للآية السابقة:{فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} [المائدة:89/ 5] والمراد بالعجز: ألا يقدر على المال الذي يصرفه في الكفارة، كمن يجد كفايته في يومه وليلته وكفاية من تلزمه نفقته فقط، ولا يجد ما يفضل عنها (1).
وينظر إلى العجز وقت الأداء، أي أداء الكفارة عند الحنفية والمالكية والشافعية، فلو حنث الحالف، وكان موسراً وقت الحنث، ثم أعسر، جاز له الصوم عندهم؛ لأن الكفارة عبادة لها بدل، فينظر فيها إلى وقت الأداء، لا وقت الوجوب كالصلاة إذا فاتت في حال الصحة، فقضاها قاعداً أو بالإيماء حال المرض فإنه يجوز.
ويشترط عند الحنفية استمرار العجز إلى الفراغ من الصوم، فلو شرع في الصوم ثم قدر على الإطعام أو الكسوة أو العتق، ولو قبل فراغه من صوم اليوم الثالث بساعة مثلاً: لا يجوز له الصوم، ويرجع إلى التكفير بالمال (2).
كذلك ينظر عند المالكية والشافعية إلى العجز وقت إرادة التكفير. أما إذا شرع في الصوم، ثم قدر على المال فلا يلزمه عند هؤلاء الرجوع عن الصوم إلى الكفارة المالية؛ لأن الصوم بدل عن غيره، فلا يبطل بالقدرة على المبدل عنه، ولو وجبت الكفارة على موسر ثم أعسر لم يجزئه الصوم عند هؤلاء (3)، بعكس الحنفية في المسألتين.
(1) مغني المحتاج: 728/ 4، المغني: 756/ 8، الفتاوى الهندية: 57/ 2، نهاية المحتاج للرملي: 40/ 8، المهذب: 141/ 2، الشرح الكبير: 133/ 2.
(2)
البدائع: 97/ 3، الدر المختار: 67/ 3، تبيين الحقائق: 113/ 3.
(3)
الشرح الكبير للدردير: 133/ 2، حاشية قليوبي وعميرة على شرح المنهاج للمحلي: 275/ 4، المغني: 755/ 8، 762 وما بعدها.