الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالله تعالى والمخالفة مع القصد، فتلزمه الكفارة كما تلزمه في اليمين المنعقدة على أمر في المستقبل، والله تعالى يقول:{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان} [المائدة:89/ 5] وهذا النص عام يعم الحلف في الماضي والمستقبل، فتكون الآية موجبة الكفارة في اليمين الغموس، لكونها من الأيمان المنعقدة، وتعلق الإثم في هذه اليمين لا يمنع الكفارة، كما أن الظهار
منكر من القول وزور، وتتعلق به الكفارة (1).
2 - اليمين اللغو:
اختلف العلماء في تحديد المراد منها، فقال الجمهور (2): هي أن يخبر عن الماضي أوعن الحال على الظن أن المخبر به كما أخبر، وهو بخلافه، في النفي والإثبات. وبعبارة أخرى: هي أن يحلف على شيء يظنه كما حلف، فلم يكن كذلك. مثل قول الحالف:(والله ماكلمت زيداً) وفي ظنه أنه لم يكلمه، و:(والله لقد كلمت زيدا ً) وفي ظنه أنه كلمه، وهو بخلاف الواقع. أو يقول:(والله إن هذا الطائر لغراب) وفي ظنه أنه كذلك، ثم تبين في الواقع أن الطائر حمام مثلاً.
وقال الشافعي (3): لغو اليمين: ما لم تنعقد عليه النية. أو بعبارة أخرى: يمين اللغو: هي التي يسبق اللسان إلى لفظها بلا قصد لمعناها، أو يريد اليمين على شيء، فسبق لسانه إلى غيره، بدليل قوله تعالى:{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، ولكن يؤاخذكم بما عقَّدتم الأيمان} [المائدة:89/ 5] وروي عن ابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم أنهم قالوا: «هو قول الرجل: لا والله، وبلى
(1) مغني المحتاج: 4 ص 325، المهذب للشيرازي: 2 ص 128.
(2)
المراجع السابقة: البدائع: ص 3 ص 17، الفتاوى الهندية: ص 49، بداية المجتهد: ص 395، المغني: ص 688، القوانين الفقهية: ص 159.
(3)
مغني المحتاج، المرجع السابق: ص 324، المهذب، المرجع السابق.
والله» (1) ولأن ما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به، كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر.
واتفق الفقهاء على أن يمين اللغو لا كفارة فيها، لقوله تعالى:{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [المائدة:89/ 5]، ولأنها يمين غير منعقدة، فلم تجب فيها كفارة، ولأنها لا يقصد بها المخالفة، فأشبه ذلك ما لو حنث ناسياً (2).
والشافعية يرون أن يمين اللغو تكون على أمر في الماضي أو الحال أو المستقبل؛ لأن الأدلة التي ذكروها لم تفرق بين الماضي والمستقبل، فكان الحلف لغواً على كل حال.
والحنفية يقولون: لا لغو في المستقبل، بل اليمين على أمر في المستقبل تعتبر يميناً منعقدة، وتجب فيها الكفارة إذا حنث الحالف، سواء قصد اليمين أو لم يقصد، وإنما تختص يمين اللغو في الماضي أو الحال فقط (3) بدليل قوله تعالى:
{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [المائدة:89/ 5]، واللغو في اللغة: اسم للشيء الذي لا حقيقة له، بل على ظن من الحالف أن الأمر كما حلف عليه، والحقيقة بخلاف ذلك، وهكذا اليمين على أمر في الماضي أو الحال، فهو مما لا حقيقة له إذ ليس فيه قصد اليمين: وهو المنع عن شيء أو الحث على شيء، فكان لغواً. أما اليمين في المستقبل فهي يمين منعقدة، كما سيأتي بيانه في اليمين المعقودة.
(1) روى خبر عائشة البخاري والشافعي ومالك موقوفاً، وصحح ابن حبان رفعه، ورواه أبو داود مرفوعاً، وأخرجه البيهقي أيضاً. ونقله ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما من الصحابة وجماعة من التابعين (راجع جامع الأصول: 12 ص 307، نيل الأوطار: 8 ص 235 ومابعدها، سبل السلام: 4 ص 107).
(2)
المغني: 8 ص 687 ومابعدها، البدائع: 3 ص 17، القوانين الفقهية: ص 159.
(3)
البدائع: 3 ص 3 - 4.