الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
لا بد لكل شخص بعد ولادته من ذمة، حتى ولو كانت فارغة بريئة؛ لأن الذمة من توابع الشخصية، وتلازم العنصر الثاني من أهلية الوجوب، وهذه الأهلية مناطها الصفة الإنسانية، فتلازم الإنسان منذ وجوده.
3 -
لا تتعدد الذمة، فلكل شخص ذمة واحدة، ولا اشتراك بين أشخاص في الذمة.
4 -
الذمة لا حدّ لسعتها، فهي تتسع لكل الديون مهما عظمت؛ لأن الذمة ظرف اعتباري، يتسع لكل الالتزامات.
5 -
الذمة متعلقة بالشخص، لا بأمواله وثروته، ليتمكن من ممارسة نشاطه الاقتصادي بحرية مطلقة تمكنه من تسديد ديونه، فله التجارة والبيع ولو كان مديناً بأكثر مما يملك. وله وفاء أي دين متقدم أو متأخر في الثبوت. ولا يحق للدائنين الاعتراض عليه.
6 -
الذمة ضمان عام لكل الديون بلا تمييز لدين على آخر إلا إذا وجد لصاحب دين حق عيني كالرهن، أو كانت بعض الحقوق الشخصية ذات امتياز كنفقات التجهيز والتكفين، ودين النفقة للزوجة والأولاد الصغار، وديون الضرائب الحكومية
ثانياً - انتهاء الذمة:
تبدأ الذمة بالولادة وتنتهي بالوفاة، وللفقهاء آراء ثلاثة في انتهاء الذمة.
الرأي الأول للحنابلة في رواية عندهم (1) ـ انهدام الذمة بمجرد الموت: لأن الذمة من خصائص الشخصية، والموت يعصف بالشخص وبذمته. وأما الديون فتتعلق عند أكثر الحنابلة بالتركة، فمن مات ولا تركة له سقطت ديونه.
(1) القواعد لابن رجب: ص193 ومابعدها.
الرأي الثاني للمالكية والشافعية وبعض الحنابلة (1) ـ بقاء الذمة بعد الموت حتى إيفاء الديون وتصفية التركة: تبقى الذمة بعد الموت حتى تصفى الحقوق المتعلقة بالتركة. فيصح للميت اكتساب حقوق جديدة بعد موته كان سبباً لها، كمن نصب شبكة للاصطياد، فوقع فيها حيوان، فإنه يملكه، وتظل ذمة الميت باقية بعد موته حتى تسدد ديونه، لقوله عليه السلام:«نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» (2). ويمكن أن تشغل ذمة الميت بعد موته بديون جديدة، كشغلها بثمن المبيع الذي رده المشتري على البائع بعد موته بسبب عيب ظهر فيه. وكالتزامه بضمان قيمة ما وقع في حفرة حفرها الشخص قبل موته، في الطريق العام. وتصح الكفالة بعد الموت بما على الميت المفلس من ديون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صحح هذه الكفالة. وتصح عند المالكية لا الشافعية والحنابلة الوصية لميت. ويقتصر أثر الموت في هذا الرأي على عدم مطالبة الميت بالحقوق وإنما يطالب ورثته بأداء الحقوق لأصحابها.
الرأي الثالث للحنفية ـ ضعف الذمة:
إن الموت لا يهدم الذمة، لكن يضعفها، فتبقى بقدر الضرورة لتصفية الحقوق المتعلقة بالتركة التي لها سبب في حال الحياة. فيكتسب الميت بعد موته ملكية جديدة كما في صورة نصب الشبكة للصيد، ويلتزم بالديون التي تسبب بها الشخص قبل موته، كرد المبيع المعيب عليه والتزامه بالثمن، وضمان ما وقع في حفرة حفرها في الطريق العام. لكن لا تصح كفالة دين على ميت مفلس عند أبي حنيفة خلافاً للصاحبين (3). ولا تصح الوصية للميت أو الهبة له. وبهذين الحكمين الأخيرين يفترق الرأي الثالث عن الرأي الثاني.
(1) مغني المحتاج: 40/ 3، المغني: 21/ 6.
(2)
رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة، وهو صحيح.
(3)
البدائع: 6/ 6، فتح القدير: 419/ 5.