الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستحب أن تكون آلة الذبح حادة من الحديد.
والمستحب بعد الذبح الانتظار قدر مايبرد الذبيح وتسكن جميع أعضائه، فلا يسلخ قبل أن يبرد.
2 - وقال المالكية والشافعية وجماعة من الحنابلة
(1): المستحب لمريد التضحية إذا دخل عليه عشر ذي الحجة ألا يحلق شعره، ولا يقلم أظفاره، حتى يضحي، بل يكره له ذلك. وقال بعض الحنابلة: يحرم عليه ذلك. بدليل حديث أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره» (2). ولا شك بأن هذا الرأي هو الأرجح لصحة الحديث. والدليل على عدم حرمة المذكور قول عائشة: «كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقلدها بيده، ثم يبعث بها، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له، حتى ينحر الهدي» (3).
ولم ير الحنفية كراهة ما ذكر؛ لأن المضحي لا يحرم عليه الوطء واللباس، فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار، كما لو لم يرد أن يضحي (4).
(1) الشرح الكبير: 12/ 2، الشرح الصغير: 144/ 2، القوانين الفقهية: ص 190، بداية المجتهد: 424/ 1، مغني المحتاج: 283/ 3 ومابعدها، 290، المهذب: 238/ 1 ومابعدها، المغني:618//8، 640 ومابعدها، كشاف القناع: 5/ 3، حاشية الباجوري على ابن قاسم: 309/ 2.
(2)
رواه الجماعة إلا البخاري، ولفظ أبي داود، وهو لمسلم والنسائي أيضاً:«من كان له ذِبْح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة، فلا يأخذن من شعره وأظفاره حتى يضحي» (نيل الأوطار: 112/ 5). والحكمة في النهي: أن يبقى كامل الأجزاء للعتق من النار، وقيل: للتشبه بالمحرم في الحج. والوجه الثاني غلط عند بعض الشافعية، لأن المضحي لا يعتزل النساء، ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم.
(3)
متفق عليه.
(4)
المغني: 619/ 8.
وأضاف الجمهور كالحنفية: أنه يندب توجيه الذبيحة إلى القبلة على جنبها الأيسر إن كانت من البقر والغنم، ويقول الذابح:«بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك وإليك» لما روى ابن عمر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح يوم العيد كبشين، ثم قال حين وجهها: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونُسُكي (1) ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين، بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك» (2) فإن قال بعدئذ: «اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك» فحسن. وإن اقتصر على التسمية فقد ترك الأفضل.
وقد عدد الشافعية خمسة أشياء تستحب عند الذبح وهي: التسمية بالبسملة كلها أو بسم الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، واستقبال القبلة بالذبيحة، والتكبير قبل التسمية أو بعدها، والدعاء بالقبول فيقول الذابح: اللهم هذه منك وإليك، أي نعمة صادرة منك، تقربت بها إليك.
والأفضل أن يذبح الرجل بنفسه إن أحسن الذبح، اتباعاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم (3). والسنة للمرأة أن توكل عنها. وأن يحضر المضحي أضحيته بنفسه، عملاً بالسنة وطلباً للمغفرة، والمستحب أن يذبحها مسلم، لأنها قربة، فلا يليها غير أهل القربة، قال جابر:«لا يذبح النسك إلا مسلم» . ويجوز توكيل مسلم بالذبح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وكل علياً رضي الله عنه بذبح ما بقي من المئة بدنة. ويكره استنابة ذمي (كتابي) وصبي وأعمى. وإن وكل ذمياً فذبح، جاز؛ لأنه يجوز للكافر أن يتولى ما كان قربة للمسلم كبناء المساجد والقناطر.
(1) النسك: العبادة.
(2)
رواه أبو داود، ويقول غير النبي: وأنا من المسلمين لمناسبة المعنى.
(3)
رواه الشيخان.
وليس على الوكيل أن يقول عند الذبح عمن؛ لأن النية تجزئ، وإن ذكر من يضحي عنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما ضحى، قال:«اللهم تقبل من محمد وآل محمد، وأمة محمد، ثم ضحى» (1) وقال الحسن: يقول: «بسم الله والله أكبر، هذا منك ولك، تقبل من فلان» .
وقال الحنفية: يكره أن يذكر الذابح اسم غير الله، لقوله تعالى:{وما أهلَّ لغير الله به} [المائدة:3/ 5].
وإن عين الشخص أضحية، فذبحها فضولي غيره بغير إذنه، أجزأت عن صاحبها، ولا ضمان عليه عند غير المالكية، لأنه فعل لا يفتقر إلى النية، فإذا فعله غير الصاحب أجزأ عنه، كغسل ثوبه من النجاسة. وقال مالك: هي شاة لحم، لصاحبها أرشها أي قيمتها، وعليه بدلها؛ لأن الذبح عبادة، فإذا فعلها غير صاحبها عنه، بغير إذنه، لم تقع الموقع كالزكاة (2).
ويكره عند المالكية (3): جز صوف الأضحية قبل الذبح إلا إذا تضررت ببقاء الصوف لحر ونحوه، وشرب لبنها، لأنه نواها لله، والإنسان لا يعود في قربته. ويكره للإمام عدم إبراز الأضحية للمصلى، ولغيره يندب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذبح وينحر بالمصلى (4): وهو مكان صلاة العيد، والحكمة فيه أن يكون بمرأى من الفقراء فيصيبون من لحم الأضحية.
(1) رواه مسلم.
(2)
المغني: 642/ 8، كشاف القناع: 11/ 3، الكتاب مع اللباب: 237/ 3، مغني المحتاج: 290/ 4، الشرح الكبير: 123/ 2 ومابعدها.
(3)
الشرح الكبير: 122/ 2، الشرح الصغير: 146/ 2.
(4)
رواه البخاري وأصحاب السنن إلا الترمذي عن ابن عمر.
وفصل الشافعية والحنابلة (1) في الأمر فقالوا: لا يشرب المضحى من لبن الأضحية المعينة إلا الفاضل عن ولدها، فإن لم يفضل عنه شيء، أو كان الحلب يضرّ بها، أو ينقص لحمها، لم يكن له أخذه. وإن لم يكن كذلك فله حلب اللبن والانتفاع به؛ لأن بقاء اللبن معها يضرها. ولو تصدق به كان أفضل، خروجاً من الخلاف. ودليل جواز الانتفاع، قول علي:«لا يحلبها إلا ما فضل عن تيسير ولدها» ولأنه انتفاع لا يضر بها ولا بولدها.
ويجوز لصاحب الأضحية المعينة الركوب عليها لحاجة فقط، بلا ضرر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اركبها بالمعروف، إذا ألجئت إليها، حتى تجد ظهراً» (2)، ولأنه تعلق بها حق المساكين، فلم يجز ركوبها من غير ضرورة أو حاجة كملكهم. فإن تضررت بالركوب لم يجز؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر، ويضمن النقص الحاصل بركوبه، لتعلق حق غيره بها.
وأما صوفها: فإن كان جزه أنفع لها، كأن كان في وقت الصيف أو الربيع، وبقي إلى وقت النحر مدة طويلة، جاز جزه؛ لأنها تخف بجزه وتسمن، ويتصدق به وهو الأفضل، أو ينتفع به كاللبن. وإن كان لا يضر بها الصوف لقرب مدة الذبح، أو كان بقاؤه أنفع لها، كما في وقت الشتاء، لاحتياجها له للدفء، لم يجز جزه ولا أخذه؛ لأن الحيوان ينتفع به، في دفع البرد عنه، وينتفع به المساكين عند الذبح.
(1) مغني المحتاج: 292/ 4، المهذب: 236/ 1، 241، المغني: 629/ 8 ومابعدها، كشاف القناع: 9/ 3 ومابعدها.
(2)
رواه أبو داود.