الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك إذا حلف لا يأكل من طعام فلان، فأكل شيئاً مما ذكر من طعام فلان: يحنث. فإن أخذ من نبيذ فلان أو مائه، فأكل به بخبز نفسه: لا يحنث؛ لأن هذا لا يسمى طعاماً، لأنه لا يؤكل مع الخبز عادة، ولأن الشخص يسمى حينئذ طعام نفسه عادة.
ولو حلف ألا يأكل قوتاً، فأكل خبزاً أوتمراً أو زبيباً أو لحماً أو لبناً، حنث؛ لأن كل واحد من هذه يقتات في بعض البلدان.
3 - كيفية أكل اللبن والخل:
لو حلف لا يأكل هذا اللبن، فأكله مع الخبز أو التمر، أو حلف لا يأكل هذا الخل، فأكله مع الخبز: يحنث باتفاق الحنفية والشافعية؛ لأن أكل اللبن هكذا يكون عادة، وكذلك الخل لأنه من جملة الإدام، قال صلى الله عليه وسلم:«نعم الإدام الخل» (1) ولو شربه لا يحنث، لأن هذا ليس بأكل (2).
4 - اليمين معلقة ببقاء العين لا بعد تغيرها:
لو حلف لا يأكل هذا اللبن، فأكل مما يتخذ منه كالجبن والأقط (3) ونحوهما، لا يحنث بالاتفاق؛ لأنه قد تغير، فلا يبقى له اسم العين المحلوف عليها. ومثله: ما لو حلف ألا يأكل من هذه البيضة، فصارت فرخاً، فأكل من فرخ خرج منها، أو حلف لا يشرب من هذه الخمر، فصارت خلاً: لا يحنث، لأنه تغير عن أصله.
(1) رواه أحمد في مسنده وأصحاب السنن الأربعة عن جابر بن عبد الله، ورواه مسلم والترمذي وأحمد وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها وهو حديث صحيح، ولفظ حديث جابر:«نعم الأدم الخل» (نيل الأوطار: 221/ 8) والإدام: ما يؤتدم به، وجمع الإدام أدم بضم الهمزة، مثل: كتاب وكتب، والأدم بإسكان الدال مفرد كالإدام.
(2)
البدائع، المرجع نفسه: ص 56، تبيين الحقائق، المرجع السابق، الشرح الكبير: 144/ 2، مغني المحتاج: 338/ 4، 340، 342. المغني: 806/ 8.
(3)
الأقط (بفتح الهمزة وكسر القاف): ما يتخذ من اللبن المخيض: يطبخ ثم يترك حتى يمصل.
وذكر الحنابلة (1) أن اللبن يتناول لبن الأنعام أوالصيد أو لبن الآدمية؛ لأن الاسم يتناوله حقيقة وعرفاً، وسواء أكان حليباً أم رائباً مائعاً أم مجمداً؛ لأن الجميع لبن.
ومثله أيضاً لو حلف ألا يأكل من هذا البُسْر فصار رُطَباً (2) أو لا يأكل من هذا الرطب فصار تمراً، أو لا يأكل من هذا العنب شيئاً، فصار زبيباً فأكله: لم يحنث في جميع ما ذكر باتفاق الحنفية والشافعية والمالكية؛ لأن الأصل أن اليمين متى تعلقت بعين تبقى ببقاء العين، وتزول بزوالها، إلا أن العين في الرطب وإن لم تتبدل، لكن زال بعضها: وهو الماء بالجفاف، فإذا جف الرطب، فقد زال عنه الماء، فصار آكلاً بعض العين المشار إليها فلا يحنث، وذلك كما لو حلف لا يأكل هذا الرغيف، فأكل بعضه.
وقال الحنابلة (3): لو حلف ألا يأكل هذا الرطب، فأكله تمراً حنث، كما يحنث من أكل كل ما تولد من ذلك الرطب. أما لو حلف ألا يأكل تمراً، فأكل رطباً، لم يحنث، وكذا لو حلف ألا يأكل عنباً، فأكل زبيباً أو دبساً، أو لا يكلم شاباً فكلم شيخاً، أو لا يشتري جدياً فاشترى تيساً لم يحنث؛ لأن اليمين تعلقت بالصفة دون العين، ولم توجد الصفة.
ومن حلف لا يأكل طعاماً يشتريه فلان، فاشتراه فلان وغيره، فأكل منه ولم تكن له نية، حنث عند المالكية والحنفية والحنابلة (4) لأن فلاناً مشتر لنصفه وهو طعام وقد أكله، فيجب أن يحنث كما لو اشتراه فلان فخلطه بما اشتراه غيره، فأكل
(1) المغني: 803/ 8.
(2)
البسر: هو التمر إذا تلون ولم ينضج، والرطب: ما نضج من البسر قبل أن يصير تمراً.
(3)
المغني: 800/ 8،802.
(4)
القوانين الفقهية: ص 163، مغني المحتاج: 352/ 4، المغني: 780/ 8.