الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واشترط المالكية والشافعية والحنابلة: أن تكون الرقبة مؤمنة، كما تشترط في كفارة الفطر في رمضان، وفي كفارة الظهار.
وسبب الاختلاف بين الحنفية والجمهور في اشتراط الإيمان في الرقبة: هو اختلافهم في مسألة أصولية وهي: هل يحمل المطلق على المقيد في الأمور التي تنفق أحكامها وتختلف أسبابها ككفارة اليمين وكفارة القتل الخطأ، فقد ورد النص القرآني في كفارة اليمين مطلقاً بدون تقييد بشرط الإيمان وهو:{أو تحرير رقبة} [المائدة:89/ 5]، وورد النص مقيداً بشرط الإيمان في كفارة القتل الخطأ وهو:{ومن قتل مؤمناً خطأ فتحريررقبة مؤمنة} [النساء:92/ 4] فقال الجمهور: يحمل المطلق على المقيد، فيشترط الإيمان في كفارة اليمين حملاً على اشتراطه في كفارة القتل الخطأ؛ لأنهما يشتركان في ستر الذنب، كما حمل قوله تعالى:{واستشهدوا شهيدين من رجالكم} [البقرة:282/ 2] على المقيد في قوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق:2/ 65].
وقال الحنفية: لا يحمل المطلق على المقيد، وإنما يجب أن يبقى موجب اللفظ في كفارة اليمين على إطلاقه، ويعمل بكل نص على حدة؛ لأن شرط الإيمان في كفارة القتل غير معقول المعنى، فيقتصر على مورد النص (1).
4 - الصوم، مقداره وشرطه:
اتفق الفقهاء على أن الحانث إن لم يجد طعاماً ولا كسوة ولا عتقاً يجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام، لقوله سبحانه:{فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} [المائدة:89/ 5].
واختلفوا في اشتراط تتابع الأيام الثلاثة في الصيام، فقال المالكية والشافعية
(1) بداية المجتهد: 406/ 1، البدائع: 110/ 5، مغني المحتاج: 327/ 4 ومابعدها، المغني:743/ 8، القوانين الفقهية: ص 165.
في الأظهر عندهم: لا يشترط التتابع، ولكنه مستحب، لإطلاق الآية القرآنية:{فصيام ثلاثة أيام} [المائدة:89/ 5] فليس فيها اشتراط التتابع، وقد نسخت هذه الآية القراءة الشاذة لابن مسعود تلاوة وحكماً (1).
وقال الحنفية والحنابلة: يشترط التتابع (2) بدليل قراءة أبي وعبد الله بن مسعود: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات)(3). وهذا إن كان قرآناً فهو حجة، وإن لم يكن قرآناً فهو رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو إذاً خبر واحد، وخبر الواحد حجة، وتجوز الزيادة في الجملة على الكتاب بخبر واحد (4).
وبناء على اشتراط التتابع لو أفطر المكفر لعذر مرض أو سفر أو حيض، أو لغير عذر: فإنه عند الحنفية يستأنف الصوم من جديد مرة أخرى، كذلك يستأنف الصوم إذا أفطر في يوم العيد أو أيام التشريق، ويبطل التتابع؛ لأن الصوم في هذه
(1) بداية المجتهد، المرجع السابق: 405، مغني المحتاج، المرجع السابق، حاشية قليوبي وعميرة: 275/ 4، المهذب: 141/ 2.
(2)
قال الحنفية: أربعة صيامات متتابعة بالنص: أداء رمضان وكفارة الظهار والقتل واليمين. والمخير فيه قضاء رمضان وفدية الحلق لأذى برأس المحرم، والمتعة والقران، وجزاء الصيد، وثلاثة صيامات لم تذكر في القرآن وثبتت بالأخبار: صوم كفارة الإفطار عمداً وهو متتابع، والتطوع متخير فيه، والنذر متتابع إن نذر أياماً متتابعة معينة أو غير معينة بخصوصها، ومنه ما لزم بنذر الاعتكاف، وهو متتابع وإن لم ينص عليه، إلا أن يصرح بعدم التتابع في النذر (نور الإيضاح: ص 116، العناية بهامش فتح القدير: 81/ 2).
(3)
حكاه أحمد ورواه الأثرم عن أبي بن كعب وابن مسعود أنهما قرأا: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} [المائدة:89/ 5] وروى ابن أبي شيبة حديث ابن مسعود عن الشعبي قال: «قرأ د الله: فصيام ثلاثة أيام متتابعات» ورواه عبد الرزاق عن عطاء يقول: بلغنا في قراءة ابن مسعود: «فصيام ثلاثة أيام متتابعات، وكذلك نقرؤها» وأخرج الحاكم حديث أبي عن أبي العالية عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} [المائدة:89/ (انظر نيل الأوطار: 8/ 238، نصب الراية: 3/ 296.
(4)
المبسوط: 8/ 144، فتح القدير: 4/ 18 ، البدائع: ص 11، المغني: 8/ 752 ، تبين الحقائق: 3/ 113 ، الفتاوى الهندية:2/ 57.
_________
الأيام لا يصلح لإسقاط ما في الذمة. وهذا بخلاف صوم شهرين متتابعين كفارة عن الجماع في نهار رمضان، فإن الحيض والمرض لا ينقطع التتابع بسببهما؛ لأن الغالب أن الشهرين لا يخلوان عنهما. وأما عند الحنابلة فلا ينقطع التتابع بالحيض والمرض في كفارة اليمين، وكفارة انتهاك حرمة رمضان (1).
(1) البدائع، المرجع السابق، المغني، المرجع السابق.