الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسبب في هذا الترتيب (1): أن الأب أوفر الناس شفقة على ولده. ويعقبه وصيه الذي اختاره ليقوم مقامه، والظاهر أنه ما اختاره من بين سائر الناس إلا لعلمه بأن شفقته على الصغير مثل شفقته عليه. والجد يأتي بعدئذ لأن شفقته دون شفقة الأب. ووصيه يليه ويقوم مقامه، لأنه وثقه وارتضاه. والقاضي أمين على مصالح الأمة وبخاصة اليتامى فصلح أن يكون ولياً، لقوله صلى الله عليه وسلم:«السلطان ولي من لا ولي له» .
يتبين من ذلك أن الأب، والجد أب الأب لهما ولاية تامة على النفس وعلى المال معاً. وقد نصت على ذلك المادة (170) من قانون الأحوال الشخصية السوري:«للأب ثم للجد العصبي ولاية على نفس القاصر وماله، وهما ملتزمان بالقيام بها» .
كما نصت المادة 1/ 172) على من تثبت له الولاية على المال: «للأب وللجد العصبي عند عدمه دون غيرهما ولاية على مال القاصر حفظاً وتصرفاً واستثماراً» . ونصت المادة (177) على الوصي المختار: وهو من يختاره الأب أو الجد قبل موته: «يجوز للأب وللجد عند فقدان الأب أن يقيم وصياً مختاراً لولده القاصر، أو الحمل، وله أن يرجع عن إيصائه» . ونصت المادة (771) على وصي القاضي: وهو من يعينه القاضي: «إذا لم يكن للقاصر أو الحمل وصي مختار تعين المحكمة وصياً» .
من يحتاج إلى الولاية:
تثبت الولاية على الصغير القاصر والمجنون والمعتوه، والمغفل، والسفيه، وقد اصطلح قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة (163) على تسميات لأنواع الولاية على هؤلاء كما يبدو من النص التالي:
(1) البدائع: 152/ 5، 155.
«1 - النيابة الشرعية عن الغير تكون إما ولاية، أو وصاية أو قوامة، أو وكالة قضائية.
2 -
الولاية للأقارب للأب أو غيره، والوصاية على الأيتام، والقوامة على المجانين والمعتوهين، والمغفلين والسفهاء. والوكالة القضائية عن المفقودين».
والحقيقة أن حالات النيابة الشرعية الأربع هذه كلها داخلة تحت كلمة (الولاية) عند فقهائنا كما تبين لدينا.
أما الولاية على مال الصغير القاصر: فتكون لأحد الأولياء الستة الذين ذكروا سابقاً وهم (الأب ووصيه، والجد ووصيه، والقاضي ووصيه)(1).
وأما الولاية على المجنون أو المعتوه: إذا بلغ على هذه الحالة، فإنها تكون لمن كان وليه قبل البلوغ من أب أو جد أو وصي، باتفاق المذاهب الأربعة، كما تقدم.
فإن بلغ الشخص رشيداً ثم طرأ عليه الجنون أو العته، عادت إلىه ولاية من كان وليه قبل البلوغ، على الرأي الراجح عند الحنفية، والشافعية (2).
وقال المالكية والحنابلة: تكون الولاية عليه حينئذ للقاضي، ولا تعود لمن كانت له من أب أو جد؛ لأن الولاية سقطت ببلوغ الصغير رشيداً، والساقط لايعود (3).
(1) الولاية في مذهبي المالكية والحنابلة تكون أولاً للأب ثم لوصيه، ثم للحاكم، ثم لمن يقيمه أميناً عنه ولا ولاية للجد وغيره من القرابة (الشرح الكبير للدردير: 292/ 3، غاية المنتهى: 140/ 2) وعند الشافعية: الولاية للأب أولاً ثم للجد أبي الأب، ثم لوصيهما ثم القاضي أي العدل الأمين (نهاية المحتاج: 355/ 3).
(2)
تبيين الحقائق: 195/ 5 وما بعدها، مغني المحتاج: 171/ 2، نهاية المحتاج: 356/ 3.
(3)
غاية المنتهى: 142/ 2، الشرح الكبير للدردير: 292/ 3.
وقانون الأحوال الشخصية السوري أخذ بالرأي الثاني في المادة (002) وهي: «1ً - المجنون والمعتوه محجوران لذاتهما، ويقام على كل منهما قيم بوثيقة» ومعنى المادة أن تصرفات المجنون والمعتوه تعد باطلة، ولو قبل شهر قرار الحجر عليهما، حماية لمصالحهما.
وأما القانون المدني السوري في المادة (115) فلم يعتبر تصرفات المجنون والمعتوه باطلة إلا بعد شهر قرار الحجر عليهما حماية لاستقرار المعاملات إلا في حالتين استثناهما نص المادة وهي:
1 -
يقع باطلاً تصرف المجنون والمعتوه، إذا صدر التصرف بعد شهر قرار الحجر.
2 -
أما إذا صدر التصرف قبل شهر قرار الحجر، فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد، أو كان الطرف الآخر على بينة منها.
وأما الولاية على السفيه وذي الغفلة: فإنها تكون للقاضي باتفاق المذاهب الأربعة (1)؛ لأن الحجر عليهما متوقف على قضاء القاضي، حفاظاً على مالهما ومراعاة لمصلحتهما.
وعلى هذا تكون تصرفاتهما صحيحة نافذة قبل إيقاع الحجر عليهما. نصت المادة (2/ 200) من قانون الأحوال الشخصية السوري على ذلك فيما يأتي: «السفيه والمغفل يحجران قضاء، وتصرفاتهما قبل القضاء نافذة، ويقام على كل منهما قيم بقرار الحجر نفسه، أو بوثيقة على حدة» .
(1) المراجع السابقة: مغني المحتاج: 170/ 2.
واشترط القانون المدني السوري لإبطال تصرف المغفل والسفيه شهر قرار الحجر إلا في حالتين نصت المادة (116) منه على ما يأتي:
«1 - إذا صدر تصرف من ذي الغفلة أو من السفيه بعد شهر قرار الحجر، سرى على هذا التصرف ما يسري على تصرفات الصبي المميز من أحكام.
2 -
أما التصرف الصادر قبل شهر قرار الحجر، فلا يكون باطلاً أو قابلاً للإبطال، إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ».
وأما الوكالة القضائية: فهي نوع من الولاية قررتها القوانين النافذة في أحوال ثلاث:
1 -
المفقود والغائب: نص قانون الأحوال الشخصية السوري في المواد (202 - 206) على أصولهما والأحكام المتعلقة بهما، ومنها أن المفقود: هو كل شخص لا تعرف حياته أو مماته، أو تكون حياته محققة، ولكن لا يعرف له مكان (م 202) ومنها أنه يعتبر كالمفقود: الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى مقامه أو إدارة شؤونه بنفسه، أو بوكيل عنه، مدة أكثر من سنة، وتعطلت بذلك مصالحه أو مصالح غيره.
أما حكم زوجة المفقود فقد نصت المادة (109) من هذا القانون على أنه: «إذا غاب الزوج بلا عذر مقبول، أو حكم بعقوبة السجن أكثر من ثلاث سنوات، جاز لزوجته بعد سنة من الغياب أو السجن أن تطلب إلى القاضي التفريق، ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه» .
والتفريق للغيبة بعد سنة في هذه المادة مأخوذ من القول المعتمد في مذهب المالكية.
وأما أموال المفقود: فقد نصت المادة (302) من هذا القانون على حكمها فيما يأتي:
1 -
يوقف للمفقود من تركة مورثه نصيبه فيها، فإن ظهر حياً أخذه، وإن حكم بموته رد نصيبه إلى من يستحقه من الورثة وقت موت مورثه.
2 -
إن ظهر حياً بعد الحكم بموته، أخذ ما بقي من نصيبه في أيدي الورثة ولا توزع تركة المفقود قبل موته أو الحكم باعتباره ميتاً عند بلوغه الثمانين من العمر (م205).
2 -
المصاب بعاهتين من ثلاث عاهات هي الصمم والبكم والعمى.
نص القانون المدني السوري على ذلك في المادة (118): «1 - إذا كان الشخص أصم أبكم، أو أعمى أصم، أو أعمى أبكم، وتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته، جاز للمحكمة أن تعين له مساعداً قضائياً يعاونه في التصرفات التي تقتضي مصلحته فيها ذلك» .
3 -
المحكوم عليه بالأشغال الشاقة أو بالاعتقال:
نص قانون العقوبات السوري في المادة 50 على عقوبة تبعية لهذا الشخص بالإضافة إلى السجن، وهي الحجر عليه، أو منعه من التصرف بماله، وتعيين وصي يشرف على أمواله، ونص هذه المادة ما يأتي:
«1 - كل محكوم عليه بالأشغال الشاقة أو بالاعتقال يكون في خلال تنفيذ عقوبته في حالة الحجر، وتنقل ممارسة حقوقه على أملاكه، ما خلا الحقوق الملازمة للشخص (أي كالطلاق) إلى وصي وفقاً لأحكام قانون الأحوال الشخصية المتعلقة بتعيين الأوصياء على المحجور عليهم، وكل عمل وإدارة أو تصرف يقوم به المحكوم عليه يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً مع الاحتفاظ بحقوق الغير من ذوي النية