الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً} [البقرة:29/ 2] فكل ما نزل من السماء أو نبع من الأرض، أو عصر من التمر والزهر فهو حلال. واتفقت المذاهب (المفتى به ـ وهو رأي محمد ـ عند الحنفية، وغير الحنفية)(1) على تحريم جميع الأشربة المسكرة، قليلها وكثيرها، نيئها ومطبوخها، سواء أكانت خمراً (وهي عصير العنب المتخمر) أم غيرها من الأشربة الأخرى المتخذة من الزبيب أو التمر أو العسل والتين، أو الحبوب كالقمح والشعير والذرة، ونحوها، ويحد كما سأوضح في بحث الحدود شارب القليل أو الكثير منها عند غير الحنفية، ولا يحد إلا بالسكر من الأشربة غير الخمر، أو بشرب القليل أو الكثير من الخمر عند الحنفية، لقوله صلى الله عليه وسلم:«كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» (2)، «أنهاكم عن قليل ما أسكر قليله» «ما أسكر كثيره، فقليله حرام» (3)«إن من العنب خمراً، وإن من العسل خمراً، ومن الزبيب خمراً، ومن الحنطة خمراً، ومن التمر خمراً، وأنا أنهاكم عن كل مسكر» (4).
ويحرم جميع ما هو ضار من الأشربة كالسم وغيره، وكل ما هو نجس كالدم المسفوح والبول، ولبن الحيوان غير المأكول عدا الإنسان، وكل ما هو متنجس كالمائع الذي وقعت فيه نجاسة لما فيه من الضرر على الإنسان.
خلط الخمر بغيرها:
يحرم بالاتفاق شرب الماء الممزوج بالخمر، لما فيه من
(1) البدائع: 117/ 5، نتائج الأفكار: 160/ 8 ومابعدها، الدر المختار: 323/ 5، اللباب: 215/ 3، بداية المجتهد: 457/ 1 ومابعدها، الشرح الكبير والدسوقي: 352/ 4، القوانين الفقهية: ص 174، مغني المحتاج: 187/ 4، المهذب: 286/ 2، المغني: 304/ 8 ومابعدها، كشاف القناع: 116/ 6 ومابعدها.
(2)
رواه مسلم والدارقطني عن ابن عمر (نصب الراية: 295/ 4).
(3)
روي عن تسعة من الصحابة (نصب الراية: 301/ 4 ومابعدها).
(4)
رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي عن النعمان بن بشير (التلخيص الحبير: ص 359).
ذرات الخمر، ويعزَّر الشارب، ويجب الحد إن كانت الخمر أكثر من الماء، لبقاء اسم الخمر ومعناها. كما يحرم شرب الخمر المطبوخة؛ لأن الطبخ لا يحل حراماً، ولو شربها يجب الحد، لبقاء اسم الخمر ومعناها (1).
ويكره تحريماً عند الحنفية أكل الخبز المعجون بالخمر، لوجود ذرات الخمرفيه، وفيه التعزير. ويحرم ذلك عند غير الحنفية، ولا حد فيه عند الكل، والخلاف في التسمية والاصطلاح فقط. فما ثبت بدليل ظني كالقياس وخبر الآحاد يسميه الحنفية مكروهاً تحريماً يعاقب فاعله، والجمهور يسمونه حراماً.
ويكره تحريماً أيضاً عند الحنفية (2) الاحتقان بالخمر (بأخذها حقنة شرجية) أو جعلها في سَعُوط (ما يصب في الأنف من دواء ونحوه)؛ لأنه انتفاع بالمحرَّم النجس، ولكن لا يجب الحد، لأن الحد مرتبط بالشُّرْب.
كذلك لا يحد بالاحتقان والسَّعُوط عند الشافعية والمالكية. ولا يحد بالاحتقان بالخمر عند الحنابلة، لكن يحد إن استعط به، لأنه أوصله إلى باطنه من حلقه (3).
ويكره تحريماً عند الحنفية (4) شرب دُرْدِي الخمر (5)، والامتشاط به، ليزيد بريقَ الشَّعَر؛ لأن فيه ذرات الخمر المتناثرة فيه، وقليله ككثيره، للأحاديث المتقدمة. ولكن لا يحد شاربه إلا إذا سكر منه، لأنه لا يسمى خمراً.
(1) المراجع السابقة، مغني المحتاج: 188/ 4، المغني: 306/ 8.
(2)
تكملة فتح القدير: 167/ 8.
(3)
الشرح الكبير: 352/ 4، مغني المحتاج، المغني: المكان السابق، كشاف القناع: 118/ 6، ويلاحظ أن المرجع الأخير ذكر فيه: أنه يحد من احتقن بالمسكر، أو استعط به.
(4)
تكملة الفتح: 167/ 8.
(5)
دردي الخمر: أي كدره أو عكره، ودردي الشيء: مايبقى أسفله. فالمراد به: مافي أسفل وعاء الخمر من عكر.