الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال جمهور الفقهاء (غير المذكورين)(1): يفرق بين السكر بمباح فليس لعبارته أي اعتبار، وبين السكر بمحرم، فتقبل عبارته زجراً له وعقاباً على تسببه في تعطيل عقله، فتعد تصرفاته من قول أو فعل صحيحة نافذة، عقاباً وزجراً له ولأمثاله، سواء في ذلك الزواج والطلاق والبيع والشراء والإجارة، والرهن والكفالة ونحوها.
6 - السفه:
خفة تعتري الإنسان، فتحمله على العمل بخلاف موجب العقل والشرع مع قيام العقل حقيقة، والمراد به هنا ما يقابل الرشد: وهو تبذير المال وإنفاقه في غير حكمة، ولو في أمور الخير عند الحنفية (2)(م 946 مجلة) كبناء المساجد والمدارس والملاجئ.
والسفه لا يؤثر في الأهلية، فيظل السفيه كامل الأهلية، لكنه يمنع من بعض التصرفات.
الحجر على السفيه
(3): قد يبلغ الشخص سفيهاً، وقد يطرأ عليه السفه بعد بلوغه راشداً.
أـ من بلغ سفيهاً: اتفق الفقهاء على أنّ الصبي إذا بلغ سفيهاً يمنع عنه ماله، ويظل تحت ولاية وليه، لقوله تعالى:{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها} [النساء:5/ 4]. ويستمر هذا المنع أبداً عند جمهور الفقهاء والصاحبين، حتى يتحقق رشده لقوله تعالى:{فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء:6/ 4].
(1) كشف الأسرار: ص 1471، التلويح: 175/ 2، التقرير والتحبير: 193/ 2، مرآة الأصول: 454/ 2.
(2)
الدر المختار: 102/ 5، تبيين الحقائق: 192/ 5. إلا أن الشافعي لم يجعل الإسراف في وجوه البر سفهاً (مغني المحتاج: 168/ 2).
(3)
الحجر: هو منع نفاذ التصرفات القولية.
جاء في المادة (982 مجلة): «إذا بلغ الصبي غير الرشيد لم تدفع إلىه أمواله، ما لم يتحقق رشده، ويمنع من التصرف كما في السابق» .
وقال أبو حنيفة: تنتهي فترة منع ماله عنه ببلوغه خمساً وعشرين سنة؛ لأن هذه السن غالباً يتحقق فيها الرشد، فإن لم يرشد لا ينتظر منه رشد بعدئذ. وأما تصرفاته في فترة منع ماله عنه فلا ينفذ منها إلا ما كان نافعاً نفعاً محضاً له أو الوصية في حدود الثلث، أو كانت لا تقبل الفسخ: وهي الزواج والطلاق والرجعة واليمين. ويمنع من باقي التصرفات.
ب ـ من بلغ رشيداً ثم صار سفيهاً: لا يجيز أبو حنيفة الحجر عليه، لأنه حر في تصرفاته، والحجر ينافي الحرية، وفيه إهدار لإنسانيته وكرامته.
وقال جمهور الفقهاء، والصاحبان (أبو يوسف ومحمد) وبرأيهما يفتى في المذهب الحنفي: يجوز الحجر على السفيه، رعاية لمصلحته، ومحافظة على ماله، حتى لا يكون عالة على غيره. ويكون حكمه حينئذ حكم الصبي المميز في التصرفات (1)؛ لقوله تعالى:{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} [النساء:5/ 4] وقوله سبحانه: {فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً، أو لا يستطيع أن يمل هو، فليملل وليه بالعدل} [البقرة:282/ 2] مما يدل على ثبوت الولاية على السفيه (2). إلا أن الحجر على السفيه في هذه الحالة يكون بحكم قضائي، بالتثبت من السفه أو التبذير، ومنعاً من إلحاق الضرر بمن يتعامل مع السفيه من غير بينة وتحقق من حاله. وهذا رأي أبي يوسف والشافعي وأحمد ومالك رحمهم الله تعالى.
(1) وعليه نصت المادة (990 مجلة): السفيه المحجور عليه هو في المعاملات كالصغير المميز
…
».
(2)
كشف الأسرار: ص 1489، التلويح على التوضيح: 191/ 2، التقرير والتحبير: 201/ 2، مرآة الأصول: 459/ 2، الدر المختار: 102/ 5 ومابعدها، بداية المجتهد: 276/ 2، 279، مغني المحتاج: 170/ 2، المغني: 469/ 4، الشرح الصغير: 382/ 3 ومابعدها.