الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما
الخاتم:
فأخرج الأئمة الستة عن أنس بن مالك: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من فضة، له فص حبشي، ونقش فيه: محمد رسول الله» .
وفي
السيف
وردت عدة أحاديث: منها مارواه أبو داود والترمذي عن أنس، قال:«كانت قبيعة ـ مقبض ـ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة» .
وأما
المنطقة:
ففي عيون الأثر لابن سيد الناس اليعمري قال: «وكان للنبي صلى الله عليه وسلم منطقة من أديم منشور ثلاث، حَلَقها وإبزيمها (1)، وطرفها فضة» (2).
ولابأس عند أبي حنيفة بتوسد الحرير (جعله وسادة أي مخدة)، وافتراشه والنوم عليه؛ لأن ذلك استخفاف به، فصار كالتصاوير على البساط، فإنه يجوز الجلوس عليه. وقال الصاحبان: يكره التوسد والافتراش والجلوس على الحرير، لعموم النهي عنه، ولأنه زي من لا خلاق له من الأعاجم.
ولابأس عند الصاحبين للضرورة بلبس الديباج (وهو ماسداه ولحمته إبْريَسم أي أحسن الحرير) في الحرب؛ لأن الحاجة ماسة إليه، فإنه يردّ الحديد بقوته، ويكون رعباً في قلوب الأعداء، وهو أهيب في عين العدو لبريقه ولمعانه. وعن الحكم بن عمير، قال:«رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في لباس الحرير عند القتال» (3) ويكره لبسه عند أبي حنيفة لعموم النهي، والضرورة تندفع بالمخلوط.
وأباح الحنفية في الحرب وغيرها لبس الثوب المختلط بالحرير (المُلْحَم) بأن كان سداه حريراً ولحمته غير حرير كقطن أو كتان أو خز (صوف مخلوط بحرير:
(1) الإبزيم: الذي في رأس المنطقة، وما أشبهه، وهو ذو لسان يدخل فيه الطرف الآخر.
(2)
راجع الآثار الثلاثة المذكورة في (نصب الراية: 232/ 4 - 234).
(3)
رواه ابن عدي في الكامل، وفيه ضعيف، وروي عن الشعبي، وهو غريب عنه (نصب الراية: 237/ 4).
لحمته صوف، وسداه حرير)؛ لأن الصحابة كانوا يلبسون الخز، والخز مسدّى بالحرير، ولأن النسج باللحمة، فهي المعتبرة دون السدى. فإن انعكس الأمر بأن كانت لحمة الثوب حريراً، وسداه غير حرير، لايحل لبسه في غير الحرب، ولابأس به في الحرب باتفاق الحنفية.
ويجوز عند الحنفية قليل الحرير، فالقليل عفو: وهو مقدار ثلاثة أو أربعة أصابع، كالأعلام، والمكفوف بالحرير، لما روى عمر، فقال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير، إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع» (1). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس جبة مكفوفة بالحرير (2).
ويجوز للضرورة لبس الحرير لستر عورة أو وقاية الجسم من الحر أو البرد حتى يجد غيره من الثياب المباحة، لأن الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها.
ويباح للضرورة عند جمهور الفقهاء غير المالكية لبس الحرير لدفع أذى من قَمْل ونحوه، أو لدفع مرض كجرب وغيره، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكة كانت بهما (3). وقال المالكية: لا يحل ولو لذاك، ويلاحظ أن الحديث حجة عليهم.
ويكره عند الحنفية للولي أن يلبس الصبيان الذكور الذهب والفضة والحرير؛
(1) أخرجه مسلم (نصب الراية: 225/ 4).
(2)
أخرجه مسلم عن عبد الله أبي عمر، مولى أسماء بنت أبي بكر، ورواه أبو داود، والبخاري أيضاً (نصب الراية: 226/ 4).
(3)
رواه الجماعة عن أنس إلا لفظ الترمذي: أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم القَمْلَ، فرخص لهما في قُمُص الحرير، في غزاة لهما (نيل الأوطار: 88/ 2).
لأن التحريم ثبت في حق الذكور، وإذا حرم اللبس، حرم الإلباس، كالخمر لما حرم شربه حرم سقيه.
وحرم الحنابلة في الأصوب على الولي أن يلبس الصبي الحرير، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«حرِّم لباس الحرير على ذكور أمتي وأحل لنسائهم» وروى أبو داود عن جابر قال: «كنا ننزعه عن الغلمان ونتركه على الجواري» .
وحرم الجمهور غير الحنفية الجلوس على الحرير، أو الاستناد عليه، أو توسده وستر الجدران به، إلا أن المالكية أجازوا ستر النافذة به، وأجاز الحنابلة ستر الكعبة به، وأباح الشافعية الجلوس على الحرير بحائل (غطاء) كملاءة من قطن أو صوف أو كتان أو نحوها.
ودليلهم على تحريم الجلوس على الحرير قول حذيفة: «نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه» (1).
وأجاز الجمهور غير الحنفية كالحنفية لبس القليل من الحرير كالعَلَم (2) في الثوب الحريري المقدر بأربع أصابع، ولكن عند المالكية يجوز لباس الخز (غير الخالص) مع الكراهة للباس السلف له. ودليل الجمهور حديث عمر المتقدم، وحديث ابن عباس قال:«إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المُصْمَت من قَزّ (3)» . قال ابن عباس: «أما السَّدَى والعَلَم، فلا نرى به بأساً» (4).
(1) رواه البخاري (نيل الأوطار: 85/ 2).
(2)
أعلمت الثوب: جعلت له علماً من طراز وغيره، وهي العلامة.
(3)
المصمت من قز: هو الذي جميعه حرير، لا يخالطه قطن ولا غيره.
(4)
رواه أحمد وأبو داود (نيل الأوطار: 90/ 2).