الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفضالة
قد ينعقد العقد بالفضالة التي تتخذ بالإجازة حكم الوكالة. فمن الفضولي، وما
حكم تصرفاته عند الفقهاء
، وما أثر إجازة تصرفاته، وما شروط صحة الإجازة، وهل يملك فسخ العقد الصادر منه قبل الإجازة؟
تعريف الفضولي:
الفضولي في اللغة: هو من يشتغل بما لا يعنيه أو بما ليس له. وعمله هذا يسمى فضالة. وعند الفقهاء له معنى قريب من هذا. وهو من يتصرف في شؤون غيره، دون أن يكون له ولاية على التصرف. أو من يتصرف في حق غيره بغير إذن شرعي كأن يزوج من لم يأذن له في الزواج، أو يبيع أو يشتري ملك الغير بدون تفويض، أو يؤجر أو يستأجر لغيره دون ولاية أو توكيل. فهذا التصرف يسمى فضالة.
حكم تصرفاته عند الفقهاء: للفقهاء رأيان في تصرف الفضولي:
أولهما ـ للحنفية والمالكية (1): تصرفات الفضولي تقع منعقدة صحيحة، لكنها موقوفة على إجازة صاحب الشأن: وهو من صدر التصرف لأجله، إن أجازه نفذ، وإن رده بطل (2). واستدلوا على رأيهم بما يأتي:
(1) البدائع: 148/ 5 ومابعدها، فتح القدير مع العناية: 309/ 5 ومابعدها، رد المحتار: 6/ 4، 142، بداية المجتهد: 171/ 2، الشرح الكبير مع الدسوقي: 12/ 3، القوانين الفقهية: ص 245.
(2)
فرق الحنفية بين بيع الفضولي وشراء الفضولي. أما بيع الفضولي فينعقد صحيحاً موقوفاً على الإجازة، سواء أضاف الفضولي العقد لنفسه أم إلى المالك، وأما شراء الفضولي ففيه تفصيل:
إن أضاف الفضولي الشراء لنفسه نفذ العقد عليه، لأن الأصل أن يكون تصرف الإنسان لنفسه لا لغيره، وإذا وجد العقد نفاذاً على العاقد نفذ عليه ولا يتوقف. وإن أضاف الفضولي الشراء لغيره، أو لم يجد نفاذاً عليه لعدم الأهلية، كأن يكون العاقد صبياً أو محجوراً، انعقد الشراء صحيحاً موقوفاً على إجازة هذا الغير الذي تم الشراء له، فإن أجازه نفذ عليه، واعتبر الفضولي وكيلاً ترجع إلىه حقوق العقد من حين نشوء العقد (البدائع: 148/ 5 - 150، مختصر الطحاوي: ص 83، الدر المختار ورد المحتار: 143/ 4).
[التعليق]
انظر أيضاً آراء العلماء في تصرف الفضولي:
5/ 3339
* أبو أكرم الحلبي
أولاً ـ بعموم الآيات القرآنية الدال على مشروعية البيع، مثل قوله تعالى:{وأحل الله البيع} [البقرة:275/ 2] والفضولي كامل الأهلية، فإعمال عقده أولى من إهماله، وربما كان في العقد مصلحة للمالك، وليس فيه أي ضرر بأحد؛ لأن المالك له ألا يجيز العقد، إن لم يجد فيه فائدة.
ثانياً ـ بما ثبت ـ في الحديث المتقدم في الوكالة ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عروة البارقي ـ أحد أصحابه ـ ديناراً ليشتري له به شاة، فاشترى شاتين بالدينار، وباع إحداهما بدينار، وجاء للنبي صلى الله عليه وسلم بدينار وشاة، فقال له «بارك الله لك في صفقة يمينك» فشراء الشاة الثانية وبيعها لم يكن بإذن النبي عليه السلام، وهو عمل فضولي جائز بدليل إقرار الرسول له.
وخلاصة هذا الرأي: أن الملكية أو الولاية هي من شروط نفاذ التصرف، فإذا لم يكن العاقد مالكاً ولا ولاية له، كان العقد موقوفاً.
الرأي الثاني ـ للشافعية والحنابلة والظاهرية (1): تصرف الفضولي باطل، لا يصح ولو أجازه صاحب الشأن؛ لأن الإجازة تؤثر في عقد موجود، وهذا العقد لا وجود له منذ نشأته، فلا تصيره الإجازة موجوداً. واستدلوا بما يأتي:
أولاً ـ بأن تصرف الفضولي تصرف فيما لا يملك، وتصرف الإنسان فيما لا يملكه منهي عنه شرعاً، والنهي يقتضي عدم مشروعية المنهي عنه عندهم، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام:«لا تبع ما ليس عندك» (2) أي ما ليس مملوكاً لك،
(1) المجموع للنووي: 281/ 9، 284 ومابعدها، مغني المحتاج: 15/ 2، كشاف القناع: 11/ 2 ومابعدها، القواعد لابن رجب: ص 417، غاية المنتهى: 8/ 2، المحلى: 503/ 8، م 1460.
(2)
نص الحديث كما رواه أحمد: «إذا اشتريت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه» . وجاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فيما رواه الخمسة: «لا يحل سلف ولا بيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يَضْمن، ولا بيع ما ليس عندك» (نيل الأوطار: 157/ 5، سبل السلام: 16/ 3).