الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلاف، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أنه نهى عن الذبح بالليل» (1) ولأن الليل تتعذر فيه تفرقة اللحم في الغالب، فلا يفرق طازجاً طرياً، فيفوت بعض المقصود.
وإذا فات وقت الذبح، ذبح الواجب قضاء، وصنع به ما يصنع بالمذبوح في وقته. وهو مخير في التطوع، فإن فرق اللحم، كانت القربة بذلك دون الذبح؛ لأنها شاة لحم، وليست أضحية.
وإذا وجبت الأضحية بإيجاب صاحبها، فضلَّت أو سرقت بغير تفريط منه، فلا ضمان عليه؛ لأنها أمانة في يده، فإن عادت إليه، ذبحها، سواء أكان في زمن الذبح، أم فيما بعده.
المبحث الرابع ـ الحيوان المضحى به:
وفيه مطالب أربعة:
المطلب الأول ـ نوع الحيوان المضحى به:
اتفق العلماء على أن الأضحية لا تصح إلا من نَعم: إبل وبقر (ومنها الجاموس) وغنم (ومنها المعز) بسائر أنواعها، فيشمل الذكروالأنثى، والخصي والفحل، فلا يجزئ غير النعم من بقر الوحش وغيره، والظباء وغيرها، لقوله تعالى:{ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} [الحج:34/ 22] ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه التضحية بغيرها،
(1) أخرجه الطبراني عن ابن عباس، وفي إسناده متروك، ورواه البيهقي مرسلاً عن الحسن (نيل الأوطار:126/ 5).
ولأن التضحية عبادة تتعلق بالحيوان، فتختص بالنَّعَم كالزكاة (1).
والمولود من الأنعام وغيرها، كالمتولد من الأهلي والوحشي يتبع الأم؛ لأنها هي الأصل في التبعية، هذا رأي الحنفية والمالكية.
وقال الشافعية: المتولد بين جنسين من النعم يجزئ في الأضحية، ويعتبر أعلى الأبوين سناً، فلا بد من بلوغه سنتين إذا كان متولداً بين الضأن والمعز. وقال الحنابلة: لا يجزئ المتولد من أهلي ووحشي.
واختلف الفقهاء في الأفضل من أنواع الحيوان على رأيين:
فقال المالكية: الأفضل الضأن، ثم البقر، ثم الإبل، نظراً لطيب اللحم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين، ولا يفعل إلا الأفضل، ولو علم الله خيراً منه لفدى إسحاق (أو إسماعيل) به.
وعكس الشافعية والحنابلة فقالوا: أفضل الأضاحي: الإبل، ثم البقر، ثم الضأن، ثم المعز. نظراً لكثرة اللحم، ولقصد التوسعة على الفقراء، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشاً أقرن .. » (2).
ورأي الحنفية: الأكثر لحماً هو الأفضل.
(1) البدائع: 69/ 5، اللباب: 235/ 3، الدر المختار: 226/ 5، تبيين الحقائق: 7/ 6، تكملة الفتح: 76/ 8، الشرح الكبير: 118/ 2 ومابعدها، بداية المجتهد: 416/ 1، مغني المحتاج: 284/ 4، المغني: 619/ 8 ومابعدها، 623، كشاف القناع: 615/ 2 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص 188، المهذب: 238/ 1.
(2)
رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 237/ 3).
وتفصيل عبارات المذاهب ما يأتي:
قال الحنفية (1): «الأصل أنه إذا استويا في اللحم والقيمة، فأطيبهما لحماً أفضل. وإذا اختلفا فيهما فالفاضل أولى» فالشاة أفضل من سبع البقرة إذا استويا في القيمة واللحم، وإن كان سبع البقرة أكثر لحماً فهو أفضل. والكبش أفضل من النعجة إذا استويا فيهما، وإلا فهي أفضل، والأنثى من المعز أفضل من التيس إذا استويا قيمةولم يكن خصياً (2). والأنثى من الإبل والبقر أفضل إذا استويا؛ لأن لحمها أطيب. وعلى هذا فالذكر الخصي أفضل، وإلا فالأنثى، والأبيض الأقرن أفضل من غيره.
وقال المالكية (3): الأفضل الغنم: فحله، فخصيه، فأنثاه، ثم المعز، ثم البقر، ثم الإبل، لطيب اللحم. فالذكور عندهم أفضل من الإناث مطلقاً، والأبيض أفضل من الأسود، ويوافقهم الشافعية والحنابلة في تفضيل الأبيض على الأسود.
وعبارة الشافعية والحنابلة (4): أفضل الأضاحي: البعير أو البدنة لأنه أكثر لحماً، ثم بقرة؛ لأن لحم البدنة أكثر من لحم البقرة غالباً، ثم ضأن، ثم معز، لطيب الضأن على المعز، وبعد المعز: المشاركة في بقرة أو بدنة، فسبع شياه أفضل من
(1) الدر المختار وحاشيته: 226/ 5 ومابعدها، 233، البدائع: 80/ 5.
(2)
فإن كان خصياً أي موجوءاً ـ مرضوض الأنثيين: مدقوقهما، فالذكر في الضأن والمعز أفضل. وقد ثبت في رواية أحمد عن أبي رافع قال:«ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوءين خصيين» والموجوء: منزوع الأنثيين (نيل الأوطار: 119/ 5) وقال الزيلعي في نصب الراية: 215/ 4: روي أيضاً من حديث جابر وعائشة وأبي هريرة وأبي الدرداء.
(3)
الشرح الكبير: 121/ 2، القوانين الفقهية: ص 188.
(4)
مغني المحتاج: 285/ 4 ومابعدها، المهذب: 238/ 1، المغني: 621/ 8 ومابعدها، كشاف القناع: 615/ 2 ومابعدها.
بعير أو بقرة؛ لأن لحم الغنم أطيب، وشاة أفضل من مشاركة في بعير إذا تساويا في القدر، للانفراد بإراقة الدم وطيب اللحم. فإن كان سبع البعير أكثر قدراً، كان أفضل.
والكبش أفضل الغنم، لأنه أضحية النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أطيب لحماً (1)، وجذع الضأن أفضل من ثني المعز، لطيب اللحم، ولأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«نعم أو نعمت الأضحية: الجَذَع من الضأن» (2) أي قبل الثني.
والذكر عند الشافعية أفضل على الأصح من الأنثى؛ لأن لحمه أطيب، والخصي أفضل من النعجة عند الحنابلة؛ لأن لحمه أوفر وأطيب. والفحل في المذهبين أفضل من الخصي.
والسمينة أفضل من غير السمينة، لقول الله عز وجل:{ومن يعظم شعائر الله، فإنها من تقوى القلوب} [الحج:32/ 22] قال ابن عباس: تعظيمها: استسمانها واستحسانها. وهذا متفق عليه بين الفقهاء.
والبيضاء أفضل من الغبراء والسوداء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين، والأملح: الأبيض. وبه يكون ترتيب الألوان في مذهبي الشافعية والحنابلة ما يأتي، وهو متفق عليه بين الفقهاء:
البيضاء أفضل، ثم الصفراء، ثم العفراء (وهي التي لايصفو بياضها أوليس بناصع)، ثم الحمراء ثم البلقاء (مختلط البياض والسواد) ثم السوداء (3)، روى أحمد والحاكم خبر أبي هريرة:«دم ُعفراءَ أحب إلى الله من دم سوداوين» .
(1) وروى عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير الأضحية الكبش الأقرن» .
(2)
حديث غريب رواه الترمذي وأحمد عن أبي هريرة (نصب الراية: 216/ 4) والجذع لولد الشاة في السنة الثانية، ولولد البقرة والحافر في السنة الثالثة، وللإبل في السنة الخامسة.
(3)
والترجيح بين الألوان: قيل: للتعهد، وقيل لحسن المنظر، وقيل: لطيب اللحم.