الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - نظرية التعسف في استعمال الحق:
ليس حق الملكية حقاً مطلقاً، وإنما هو مقيد بعدم إلحاق الضرر بالغير، فإذا ترتب على استعمال الحق إحداث ضرر بالغير نتيجة إساءة استعمال هذا الحق، كان محدث الضرر مسؤولاً.
ونص القانون المدني السوري على هذا المبدأ في المادتين (5، 6)«من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسؤولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر» (م5).
يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية:
«أـ إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير.
ب ـ إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية، بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر».
ج ـ إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة (م6) وقد حرص واضعو القانون ـ لدى صياغة النص الذي أورد في هذه النظرية ـ على الاستفادة من القواعد التي استقرت في الفقه الإسلامي (1) ومن أهمها: «تصرف الإنسان في خالص حقه إنما يصح إذا لم يتضرر به غيره» فهذه القاعدة أساس واضح لنظرية منع التعسف في استعمال الحق، وهي القاعدة المنظمة لحقوق الجوار (2).
أما نص المادة (5) فمأخوذ من المبدأ المقرر في الشريعة المعبر عنه في القاعدة الفقهية الكلية القائلة: (الجواز الشرعي ينافي الضمان) أي أن الفعل المباح شرعاً لا يستوجب الضمان أو تعويض الضرر الذي قد يحدث.
(1) الوسيط للسنهوري: 836/ 1، النظرية العامة للالتزام للدكتور سوار: ص 96، الحقوق العينية الأصلية للدكتور سوار: ص 311.
(2)
راجع تطبيقات القاعدة في نظرية الضمان للمؤلف: ص 207.
وأما نص المادة (6) فمستمد من حيث المبدأ من الحديث النبوي المتقدم: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» الذي يقضي بمنع الضرر في حالتين:
الأولى ـ استعمال الحق بقصد الإضرار.
الثانية ـ أن يترتب على استعمال الحق المشروع إضرار الآخرين، سواء أكان الاستعمال على وجه معتاد، أم على غير الوجه المعتاد.
وفي كلتا الحالتين توجب قواعد الإسلام إزالة الضرر عيناً، سواء أكان مادياً أم معنوياً؛ لأن الراجح أن المنافع أموال متقومة، فإن تعذر ذلك يجب الحكم بتعويض مالي عادل لرفع آثار الضرر ومنع بقائه أو تجدده في المستقبل.
ويلاحظ أن القانون قصر التعسف على حالات الاستعمال غيرالمشروع (1).
أما الحالة الأولى قانوناً فتقابل الحالة الأولى المفهومة من الحديث، والحالة الثانية تقابل الحالة الثانية المأخوذة من الحديث، وتتفق مع ما أخذت به المجلة (المادة 19، 20) ويقتضيه الاستحسان الفقهي. وأما الحالة الثالثة في القانون فهي مستقاة من مجموع ما تقرره المذاهب الإسلامية وتقتضيه روح التشريع الإسلامي في محاربة الأعمال غير المشروعة، أو المعاصي والمنكرات الضارة بمصلحة المجتمع، وأنه يتحمل الضرر الخاص لمنع الضرر العام ونحو ذلك من كل ما يجعل للحق صلة اجتماعية في الإسلام.
وقد ذكرت المادة (1199) من المجلة مبدأ نظرية التعسف: لا يمنع أحد من التصرف في ملكه أبداً إلا إذا كان ضرره لغيره فاحشاً، كما يأتي تفصيله في الفصل الثان وفي هذا الفصل وضع معيار الضرر الفاحش (في المادة 1199) وفي المادة (1200) ذكرت أمثلة عديدة عن الأضرار.
(1) راجع كتابنا نظرية الضمان: ص 53 ومابعدها.