الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلله علي صوم شهر أو صلاة ركعتين أوالتصدق بليرة ونحوه، فإذا وجد الشرط فعليه الوفاء بالنذر نفسه؛ لأن المعلق بالشرط كالمنجز، فلو فعل المشروط قبل وجود الشرط يكون نفلاً؛ لأن المعلق بالشرط غير موجود قبل وجود الشرط.
و
إن كان مقيداً بمكان
بأن قال: (لله علي أن أصلي ركعتين في موضع كذا) أو (أتصدق على فقراء بلد كذا) يجوز أداؤه في غير ذلك المكان عند أبي حنيفة وصاحبيه؛ لأن المقصود من النذر: هو التقرب إلى الله عز وجل، وليس لذات المكان دخل في القربة.
وإن نذر صلاة ركعتين في المسجد الحرام، فأداها في أقل شرفاً منه أو فيما لا شرف له أجزأه عند أئمة الحنفية المذكورين، وأفضل الأماكن: المسجد الحرام، ثم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم مسجد بيت المقدس، ثم الجامع، ثم مسجد الحي، ثم البيت؛ لأن المقصود هو القربة إلى الله، وهو يتحقق في أي مكان.
وخالف زفر في الحالتين: في حالةالتصدق في مكان، وحالة الصلاة في مكان، فإنه يتعين عليه الوفاء بنذره في المكان المشروط؛ لأن الناذر أوجب على نفسه الأداء في مكان مخصوص، فإذا أدى في غيره لم يكن مؤدياً ما عليه، وفي الصلاة في مسجد، التزم الناذر زيادة قربة فيلزمه.
وقال المالكية (1): إن نوى الصلاة أو الاعتكاف في مكان أو سمى المسجد كأحد المساجد الثلاثة لزمه الذهاب إليه دون غيرها.
وقال الشافعية (2): إذا نذر إنسان التصدق بشيء على أهل بلد معين لزمه فيه الوفاء بالتزامه، ولو نذر صوماً في بلد لزمه الصوم؛ لأنه قربة، ولم يتعين مكان
(1) الشرح الصغير: 255/ 2، 265، القوانين الفقهية: ص 170.
(2)
مغني المحتاج: 367/ 4، المهذب: 243/ 1 ومابعدها.
الصوم في تلك البلد، فله الصوم في غيره. ولو نذر صلاة في بلد لم يتعين لها ويصلي في غيرها؛ لأنها لا تختلف باختلاف الأمكنة إلا المسجد الحرام أي الحرم كله، ومسجد المدينة والمسجد الأقصى إذا نذر الصلاة في أحد هذه المساجد فيتعين لعظم فضلها، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» (1).
واستدلوا بدليل نقلي على تعيين مكان التصدق بالنذر: وهو ما روى عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده: «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا ـ لمكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية ـ قال: لصنم؟ قالت: لا، قال: لوثن؟ قالت: لا، قال: أوفي بنذرك» (2).
وكذلك قال الحنابلة (3): يتعين الاعتكاف في أحد المساجد الثلاثة إن نذر الاعتكاف فيها.
(1) رواه أحمد في مسنده والشيخان: البخاري ومسلم، والبيهقي وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة، ورواه أحمد والشيخان والبيهقي والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري، ورواه ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو حديث صحيح (انظر نيل الأوطار: 253/ 8، سبل السلام: 114/ 4).
(2)
رواه أبو داود في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهو تتمة حديث المرأة التي نذرت أن تضرب بالدف عند الرسول صلى الله عليه وسلم السابق تخريجه، وفي معناه أحاديث أخرى. قال ابن الأثير في النهاية: الفرق بين الوثن والصنم: أن الوثن كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي تعمل، وتنصب، فتعبد. والصنم: الصورة بلا جثة. ومنهم من لم يفرق بينهما، وأطلقهما على المعنيين. وقد يطلق الوثن على غير الصورة، ومنه حديث عدي بن حاتم:«قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: ألق هذا الوثن عنك» (انظر نصب الراية: 300/ 3، نيل الأوطار: 249/ 8 ومابعدها، الإلمام: ص 309 ومابعدها، جامع الأصول: 187/ 12، مجمع الزوائد: 191/ 4).
(3)
كشاف القناع: 412/ 2.