الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما
اللعب المباح:
فهو ـ كما سأبين في بحث السبق ـ المسابقة المشروعة بالخيل وغيرها من الحيوانات، أو التدرب على السلاح. ويجوز ذلك على عوض من غير المتسابقين، أو من واحد منهما يأخذه السابق.
ويجوز الغناء المباح وضرب الدف (1) في العرس والختان، لقوله صلى الله عليه وسلم:«أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالغربال» . (2)
وتحرم الأغاني المهيجة للشرور المشتملة على وصف الجمال والفجور ومعاقرة الخمور في الزفاف وغيره، ويحرم كل الملاهي المحرمة (3).
وحكى الرُوياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف، وهو مذهب الظاهرية. ولا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود (4)، وبه قال بعض الشافعية. ودليلهم على الإباحة: أنه لم تصح عندهم أحاديث المنع. قال الفاكهاني: لم أعلم في كتاب الله، ولا في السنة حديثاً صحيحاً في تحريم الملاهي، وإنما هي ظواهر وعمومات يتأنس بها، لا أدلة قطعية (5).
وأقول: إن الأغاني الوطنية أو الداعية إلى فضيلة، أو جهاد، لا مانع منها، بشرط عدم الاختلاط، وستر أجزاء المرأة ما عدا الوجه والكفين. وأما الأغاني المحرضة على الرذيلة فلا شك في حرمتها، حتى عند القائلين بإباحة الغناء، وعلى التخصيص منكرات الإذاعة والتلفاز الكثيرة في وقتنا الحاضر.
(1) وهو المدور من وجه واحد كالغربال. وأما المدور من وجهين وهو المزهر ففيه عند المالكية أقوال ثلاثة: الجواز، والمنع، والكراهة.
(2)
رواه ابن ماجه عن عائشة (نيل الأوطار: 187/ 6).
(3)
نيل الأوطار: 188/ 6.
(4)
نيل الأوطار: 100/ 8 - 150.
(5)
نيل الأوطار: 104/ 8.
ولا شك بأن الامتناع عن السماع في الوقت الحاضر أولى؛ لأن في ذلك شبهة؛ والمؤمنون وقافون عند الشبهات كما صرح به الحديث الصحيح، ومن ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ولاسيما إذا كان مشتملاً على ذكر القدود والخدود، والجمال والدلال، والهجر والوصال، ومعاقرة الراح (الخمر)، كما ذكر الشوكاني (1).
ولا بأس بسماع الموسيقا لعلاج بعض الأمراض النفسانية، أو العصبية.
ضابط ما يجوز وما يحرم من اللهو واللعب عند الشافعية:
الضابط المميز للهو واللعب عند الشافعية: هو أن كل ما لا يترك أثراً نافعاً فهو مباح، وكل ما يترك أثراً ضاراً فهو حرام.
وأساس التفرقة في أنواع اللعب: هو أن ما يقوم على تشغيل الذهن وتحريك الفكر كالشطرنج فهو مكروه، وكل ما يقوم على المصادفة وحجب الفكر والعقل كالنرد فهو حرام.
وعلى هذا يكون الاسترسال في مجالس اللهو والمزاح مكروهاً، فإن انضم إليه الكذب أو التهاون في الأخلاق فهو حرام.
وتكون مجالس الغناء المقرونة بالآلات الموسيقية حراماً، والشطرنج مكروه لأنه رياضة للذهن، فإن فوت الواجبات الدينية فهو حرام، ولعب الشدَّة أو الورق مكر وه لأنه يلهي عن ذكرالله ويصبح حراماً إن كان على شرط المال. والنرد حرام ولو بغير قمار أو عوض مالي لاعتماده على المصادفة، وذلك يترك أثراً ضاراً في النفس؛ لأنه يجعل العقل يتخيل كون المصادفة مؤثرة في أعمال الحياة.
(1) نيل الأوطار: 105/ 8.