الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منها تكثير النسل وبقاء النوع الإنساني، وتكوين الأسر، ففيه معنى التعبد لله، بتكثير عباد الله الذين يعبدونه، مما يوجب علينا التزام ما ورد به الشرع، ولم يرد في القرآن الكريم إلا هذان اللفظان فقط وهما (النكاح والتزويج) وذلك في أكثر من عشرين آية: منها: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} (1)[النساء4/ 3] ومنها {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها} (2).
ويمكن أن يكون رأي الحنفية والمالكية أرجح، لأن الزواج كغيره من العقود، فيصح بكل لفظ ينبئ عن الرضا والإرادة.
صيغة اللفظ أو نوع الفعل:
اتفق الفقهاء على صحة انعقاد العقد بالفعل الماضي، لأن صيغته أدل على المراد وأقرب إلى تحقيق مقصود وهو إنشاؤها في الحال، فينعقد بها العقد من غير توقف على شيء آخر كالنية أو القرينة، وقد تعارف الناس استعمال هذه الصيغة (3)، وأقرهم الإسلام عليها واستعملها الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع العقود، لإفادتها تنجيز العقد حالاً ودلالتها على الإرادة الجازمة وحدوث الشيء قطعاً من غيراحتمال معنى آخر، مثل بعت، واشتريت، ورهنت، ووهبت، وزوجت، وأعرت، وقبلت، ونحو ذلك.
واتفق الفقهاء أيضاً على الانعقاد بصيغة المضارع إذا توافرت نية الحال أو دلت القرينة على إرادة إنشاء العقد حالاً؛ لأن المضارع يدل على الحال
(1) النساء: 3.
(2)
الأحزاب: 37.
(3)
نصت المادة 168 من المجلة على ما يأتي: الإيجاب والقبول في البيع عبارة عن كل لفظين مستعملين لإنشاء البيع في عرف البلدة.
والاستقبال، ففيه احتمال الوعد والمساومة، فكان لا بد من النية لتعيين المراد في الحال، وإنشاء العقد حالاً، مثل أبيع وأشتري وأزوجك وأقبل وأرضى.
وينعقد العقد بالجملة الاسمية على الأصح، مثل أنا بائع لك كذا، أو واهب لك كذا، فقال آخر: أنا قابل: أو قال: نعم.
واختلف الفقهاء في انعقاد العقد بلفظ الأمر الذي يعبر به عن المستقبل، مثل: بعني أو اشتر مني، أو آجرني، أو خذه بكذا.
فقال الحنفية (1): إن ماعدا عقد الزواج لا ينعقد عقده بلفظ الأمر، ولو نوى ذلك، ما لم يقل القائل الآمر مرة أخرى في المثال السابق: اشتريت، أو بعت، أو استأجرت؛ لأن لفظ الأمر مجرد طلب وتكليف، فلا يكون قبولاً ولا إيجاباً. أو كانت العبارة تنبئ عن إيجاب أو قبول مقدر (مفهوم ضمناً) يقتضيه المعنى ويستلزمه كأن يقول المشتري: اشتريت منك هذا بكذا، فقال البائع: خذه، والله يبارك لك، فكأنه قال: بعتك فخذه (المجلة: م 172).
وأما عقد الزواج فيصح بصيغة الأمر مثل: زوجيني نفسك، فقالت: زوجتك، أو قال الرجل لولي المرأة أو وكيلها: زوجني فلانة، فأجاب: زوجتك، لأن لفظ الأمر للمساومة، وعقد الزواج يسبق عادة بالخطبة، فلا يقصد بهذا الأمر الوعد والمساومة، وإنما المقصود به إنشاء العقد، لا مقدمات العقد وهي الخطبة، فيحمل على الإيجاب والقبول. أما غير الزواج كالبيع مثلاً، فإنه يحصل فجأة بدون مقدمات غالباً، فيكون الأمر فيه مساومة، عملاً بحقيقة لفظ الأمر، ويكون المراد به العدة أو المساومة، ولا يعدل عن المعنى الحقيقي للفظ إلى شيء آخر إلا بدليل، ولم يوجد الدليل في البيع، بخلاف الزواج، كما تقدم.
(1) البدائع: 133/ 5 ومابعدها، فتح القدير مع العناية: 75/ 5 وما بعدها، حاشية ابن عابدين: 9/ 4 وما بعدها، المجلة: م169 - 172.