الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال آخرون: يجوز منها ما كان رقماً في ثوب، سواء امتهن أم لا، وسواء علق في حائط أم لا، وكرهوا ما كان له ظل، أو كان مصوراً في الحيطان وشبهها، سواء كان رقماً أو غيره. واحتجوا بحديث «إلا ما كان رقماً في ثوب» وهذا مذهب القاسم بن محمد.
وأجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره. قال القاضي عياض: إلا ما ورد في اللعب بالبنات لصغار البنات، والرخصة في ذلك.
ونقل ابن حجر في فتح الباري شرح البخاري عن ابن العربي رأيه في اتخاذ الصور قائلاً: حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرم بالإجماع. وإن كانت رقماً فأربعة أقوال:
الأول ـ يجوز مطلقاً، عملاً بحديث:«إلا رقماً في ثوب» .
الثاني ـ المنع مطلقاً.
الثالث ـ إن كانت الصورة باقية الهيئة، قائمة الشكل حرم، وإن كانت مقطوعة الرأس أو تفرقت الأجزاء، جاز، قال ابن حجر: وهو الأصح.
الرابع ـ إن كانت مما يمتهن جاز، وإلا لم يجز.
خلاصة الرأي في التصوير:
تحرم الصور ذات الظل وكل الصور المجسَّدة والتماثيل لكل ذي روح من إنسان أو حيوان، لإجماع العلماء على ذلك، ويحرم صنع التماثيل ونصبها في أي مكان، لما أخرجه الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تماثيل» ، وتباح صور النباتات والمناظر الطبيعية الكونية من السماء والأرض
والحدائق والجبال والبحار والأنهار، والأشياء الجامدة من طائرات وسيارات وغير ذلك من الكائنات المخلوقة وليست بذات روح؛ لأنها ليست مما تناولها النص النبوي بإشارة «يشبِّهون بخلق الله» وبإشارة «يقال لهم: أحيوا ما خلقتم».
أما الصور المجسَّمة على المخاد والوسائد والستائر والبسط والفرش والبطائن فلا مانع منها، لأنها ممتهنة. وتباح عند بعض العلماء اللوحات الزيتية ونقوش الحيطان، والرسوم على الورق، والصور المطبوعة أو المنسوجة في الملابس والستور، والمطرزات والموشّاة والمشغولة بأنواع الخيوط ونحو ذلك مما لا ظل له.
وتباح صور لعب الأطفال المختلفة من أنواع الشموع والمعادن كالعرائس ونحوها، ويجوز بيعها، لما أخرجه البخاري وأبو داود عن عائشة قالت:«كنت ألعب بالبنات (1)، فربما دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي الجواري (2)، فإذا دخل خرجن، وإذا خرج دخلن» وأخرج أبو داود والنسائي حديثاً آخر مشابهاً لهذا الحديث، أقر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ما وجده عند عائشة من بنات لُعَب، بعد عودته من غزوة تبوك أو خيبر، قال ابن حزم: وجائز للصبايا خاصة اللعب بالصور ولا يحل لغيرهن، والصور محرمة إلا هذا، وإلا ما كان رقماً في ثوب.
وتباح الصور إذا كانت بحالة لا تعيش بها كمقطوعة الرأس أو الصور النصفية، والأولى عدم إقامتها أو نصبها في أي مكان في المنزل وغيره.
قال الكاساني من الحنفية (3):وتكره (أي كراهة تحريم) التصاوير في البيوت، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا
(1) البنات: صور للبنات تستعمل للعب والتسلية.
(2)
الجواري: جمع جارية وهي الشابة الصغيرة.
(3)
البدائع: 126/ 5 ومابعدها.
تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة» ولأن إمساكها تشبّه بعبدة الأوثان إلا إذا كانت على البسط أو الوسائد الصغار التي تلقى على الأرض ليجلس عليها، فلا تكره؛ لأن دوسها بالأرجل إهانة لها، فإمساكها في موضع الإهانة لا يكون تشبهاً بعبدة الأصنام إلا أن يسجد عليها، فيكره لحصول معنى التشبه.
ويكره التصوير على الستور وعلى الأزر المضروبة على الحائط وعلى الوسائد الكبار وعلى السقف؛ لما فيه من تعظيمها، فإذا لم يكن لها رأس، فلا بأس؛ لأنها لا تكون صورة، بل نقشاً، فإن قطع الرأس بأن خاط على عنقه خيطاً، فذاك ليس بشيء؛ لأنها لم تخرج عن كونها صورة، بل ازدادت حلية كالطوق لذوات الأطواق من الطيور. ثم المكروه أي تحريماً: صورة ذي الروح، فأما صورة مالا روح له من الأشجار والقناديل ونحوها، فلا بأس به.
أما التصوير الشمسي أو الخيالي فهذا جائز، ولا مانع من تعليق الصور الخيالية في المنازل وغيرها، إذا لم تكن داعية للفتنة كصور النساء التي يظهر فيها شيء من جسدها غير الوجه والكفين، كالسواعد والسيقان والشعور، وهذا ينطبق أيضاً على صور التلفاز وما يعرض فيه من رقص وتمثيل وغناء مغنيات، كل ذلك حرام في رأيي.
وأما أعمال النحت والرسم للنساء العاريات التي يقوم بها طلاب كليات الفنون الجميلة فهي من أشد المحرمات والكبائر، ولا يصح قياس الرسم على تشريح الجثث في كليات الطب، لأن التشريح ضرورة علمية تحقق فائدة الحفاظ على حياة الإنسان، بعكس الرسم الذي هو مجرد عمل ترفيهي كمالي، كما أن التشريح يحدث بعد الموت، والرسم يتم في حال الحياة.
والسبب في إباحة الصور الخيالية: أن تصويرها لا يسمى تصويراً لغة ولا