الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الحلواء: فيقع على المصنوع من الحلاوة وحدها، أو مع غيرها كالخبيص والناطف: وهو ما يصنع من الطحينة والسكر (1).
والحقيقة أن تفسير الحلوى وغيرها مرجعه إلى العرف كما قالوا، ففي عرفنا يراعى ما هو المقصود من الحلويات أو الحلاوة عند الناس.
قال ابن عابدين: وفي زماننا، الحلو: كل ما يتحلى به من فاكهة وغيرها كتين وعنب وخبيصة وكنافة وقطائف، وأما الحلاوة والحلوى: فهي اسم لنوع خاص كالجوزية والسمسمية مما يعقد، وكذا ما يطبخ من السكر أوالعسل بطحين أو نشا (2).
13 - عدم أكل الفاكهة:
الكلام في الحلف على ألا يأكل الفاكهة على النحو الذي ذكره فقهاء الحنفية بحسب عرفهم السابق يتناول أصنافاً ثلاثة أعرضها هنا عرضاً تاريخياً، ثم أذكر الحكم الفقهي الدائم:
الصنف الأول: يحنث به باتفاق الحنفية: وهو أنه يقع على ثمرة كل شجرة سوى العنب والرطب والرمان، سواء منها الطري واليابس؛ لأنه ينطبق عليها اسم الفاكهة: وهو كل ما يتفكه به ويؤكل قبل الطعام وبعده، أي يتنعم به زيادة على المعتاد.
الصنف الثاني: لا يحنث به بالاتفاق أيضاً: وهو أن يأكل القثاء والخيار والجزر؛ لأن معنى التفكه غير موجود فيها بحسب المعتاد، لأنها من البقول بيعاً وأكلاً.
(1) المبسوط: 178/ 8، البدائع: 59/ 3، فتح القدير: 52/ 4، تبيين الحقائق: 129/ 3.
(2)
رد المحتار على الدر المختار: 103/ 3.
الصنف الثالث: اختلفوا فيه وهو العنب والرطب والرمان: فعند أبي حنيفة لا يحنث بها؛ لأن الفاكهة من التفكه: وهو التنعم بما لا يتعلق به البقاء زيادة على المعتاد، وهو مما لا يصلح غذاء ولا دواء، وهذه الأشياء مما يتغذى بها ويتداوى بها، لأن الرطب والعنب يؤكلان غذاء، ويتعلق بهما بقاء الجسد. وبعض الناس في بعض المواضع يكتفون بها. والرمان يؤكل للتداوي، فليس في هذه الأشياء معنى التفكه الكامل، فلا يتناولها اسم الفاكهة، ويؤيده قوله تعالى:{فأنبتنا فيها حباً، وعنباً وقضباً، وزيتوناً ونخلاً، وحدائق غُلْباً، وفاكهة وأبّا، متاعاً لكم ولأنعامكم} [عبس:27/ 80 - 32] فالله سبحانه عطف الفاكهة على العنب، والمعطوف غير المعطوف عليه.
وقال الصاحبان: يحنث بأكل هذه الأشياء؛ لأن معنى التفكه موجود فيها عرفاً، فإنها أعز الفواكه، والتنعم بها يفوق التنعم بغيرها.
هذا هو مذهب الحنفية في الفاكهة، والعبرة الآن للعرف، فيحنث الحالف بكل ما يعد فاكهة عرفاً. وأما قول أبي حنيفة بأن العنب والرطب والرمان ليس بفاكهة، فهذا اختلاف عرف وزمان، وكان في زمنه لا تعد هذه الأشياء من جملة الفواكه، فأفتى بحسب عرف زمانه، وقد تغير العرف في زمان الصاحبين، فكانت فتواهما مخالفة لفتوى الإمام رضي الله عنه.
ولو حلف لا يأكل فاكهة يابسة فأكل الجوز واللوز والتين ونحوها: فإنه كان في الماضي يحنث؛ لأن اسم الفاكهة يطلق على الرطب واليابس منها، وأما في عرفنا فلا يحنث في الجوز واللوز، لأنه لا يتفكه بهما (1).
(1) المبسوط: 179/ 8، البدائع: 60/ 3 ومابعدها، فتح القدير: 53/ 4، تبيين الحقائق: 130/ 4 ومابعدها، الدر المختار: 103/ 3.