الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند زوال الإكراه عنه، كتصرف الفضولي. وبما أن هذا التصرف ينفذ ويلزم بالإجازة، فهذا دليل على كون التصرف موقوفاً لا فاسداً، لأن التصرف الفاسد يفسخ فسخاً ولا يجاز إجازة.
وهذا ينبئ أن رأي زفر أوجه وأقوى وأصح؛ لأن جمهور الحنفية: قالوا: إن تصرف المستكره يقبل الإجازة بعد زوال الإكراه، فلو كان فاسداً لماصحت إجازته، لأن الفاسد لا يجوز بالإجازة بل يجب فسخه شرعاً، ويملك الشيء المعقود عليه بالقبض، وهذا لاينطبق على عقد المستكره. هذا .. وقد نص القانون المدني السوري في المادتين (128، 129) على أن الإكراه يجعل العقد قابلاً للإبطال أي كما قال زفر من الحنفية.
2 - الغلط:
المراد به هنا هو الغلط الواقع في المعقود عليه، في جنسه أو في وصفه. والغلط في ذات أو جنس المعقود عليه: هو أن يظن العاقد أن المعقود عليه من جنس معين، فإذا به من جنس آخر، كأن يشتري شخص حلياً على أنها ذهب أو ماس، ثم يتبين أنها من النحاس، أو الزجاج. أو يشتري حنطة فإذا هو شعير، أو صوفاً فإذا هو قطن، أو يشتري داراً على أنها مبنية بالإسمنت المسلح، فإذا هي مبنية باللبن.
وحكم هذا العقد المشتمل على غلط في جنس المعقود عليه: أنه باطل من أساسه، لفوات محل العقد الذي يريده المشتري، فيكون عقداً على معدوم، والعقد على المعدوم باطل (1).
(1) تبيين الحقائق: 52/ 4 ومابعدها.
ويلحق به حالة اتحاد الجنس مع الاختلاف الكبير أو الفاحش في القيمة كشراء سيارة من جنس معين ومصنوع في عام معين، فإذا هي صنع أعوام غابرة.
وأما الغلط في وصف مرغوب فيه: فهو أن يظهر المعقود عليه كالوصف الذي أراده العاقد، ثم يتبين أنه مخالف للوصف المشروط صراحة أو دلالة. كأن يشتري شيئاً بلون أسود، فإذا هو كحلي أو رمادي، أو شاة على أنها حلوب، فإذا هي غير حلوب، أو كتاباً لمؤلف معين فإذا هو لمؤلف آخر، أو حقيبة على أنها من جلد فإذا هي من الكرتون المضغوط أو غيره.
وحكم العقد المشتمل على غلط في الوصف: هو أنه غير لازم بالنسبة لمن وقع الغلط في جانبه، أي أن له الخيار بين إمضاء العقد وبين فسخه، لفوات الوصف المرغوب فيه المؤدي إلى اختلال الرضا. وهذا إذا كان العقد قابلاً للفسخ كعقود المعاوضات المالية ونحوها.
ويلحق به الغلط في شخص العاقد، كالتعاقد مع طبيب مشهور فإذا هو غيره، يجعل العقد غير لازم.
أما العقود التي لا تقبل الفسخ كالزواج، فإنه يقع العقد منها عند الحنفية لازماً، أي لا يجوز نقضه بسبب فوات الوصف المرغوب.
وقال الإمام أحمد (1): يثبت خيار الفسخ بفوات الوصف المرغوب في عقد الزواج أيضاً، كمن يتزوج امرأة جميلة فيظهر أنها دميمة، أو على أنها متعلمة فإذا هي جاهلة، أو على أنها بكر فإذا هي ثيب فيثبت للزوج حق الفسخ، ولا مهر للمرأة إن حدث الفسخ قبل الدخول، أو بعد الدخول وكان التغرير من المرأة نفسها. فإن كان التغرير من غيرها رجع الزوج على ذلك الغير بما دفعه للمرأة.
(1) المغني: 526/ 6 ومابعدها.