الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخذ القانون المدني بمبدأ صحة الإبراء بإرادة الدائن وحده وهو المقرر في الفقه الحنفي. نصت المادة (369) منه على ما يأتي: «ينقضي الالتزام إذا أبرأ الدائن مدنيه مختاراً، ويتم الإبراء متى وصل إلى علم المدين، ويرتد برده» .
التقادم:
لا يعتبر التقادم (أو مضي المدة ومرور الزمن أو وضع اليد) في الشريعة الإسلامية سبباً صحيحاً من أسباب كسب الحقوق أو إسقاطها ديانة إذ «لا يجوز لأحد أن يأخذ مال أحد بلا سبب شرعي» ولأن الحق أبدي لا يزول إلا بمسوغ شرعي مقبول. وإنما التقادم ما نع فقط للقاضي من سماع الدعوى بالحق القديم الذي أهمل صاحبه الادعاء به زمناً طويلاً معيناً بلا عذر. وذلك للشك في أصل الحق وفي إثباته بعد هذه المدة الطويلة، وحماية لمبدأ الاستقرار في الأوضاع الحقوقية، وتجنباً لإثارة المشكلات في الإثبات ونحوه؛ لأن القضاء في الإسلام مظهر للحق لا مثبت له، والحقوق الثابتة لا يؤثر فيها ديانة مرور الزمان وتقادم العهد. إلا أن القضاء مع هذا يقبل التخصيص بالزمان والمكان والخصومة، ويقبل التعليق بالشرط. وبناء عليه يصح للدولة منع القاضي من سماع دعوى على شخص مضى على وضع يده خمس عشر سنة مثلاً، فيعتبر قضاؤه بعدئذ غير نافذ (1).
ويمكن تسويغ ذلك بنظرية المصالح المرسلة التي تجيز للحاكم اتخاذ التدابير القضائية المناسبة لإقرار الحقوق والاهتمام بها، وإبعاد القضاء عن المشكلات المعقدة في إثبات حقوق قديمة. وهذا المعنى هو أساس الأخذ بفكرة التقادم قانوناً، فإن القانونيين قالوا: إن التقادم يقوم على أساس اعتبارات ذات طابع عام أي متصلة بالصالح العام للمجتمع كله، لا على أساس اعتبارات فردية، فالضرورات الاجتماعية هي التي أدت إلى إقرار هذا النظام.
(1) راجع كتابنا نظرية الضمان: ص 101.
أخذ القانون من الفقه الإسلامي تقدير مدة التقادم المسقط، حيث نصت المادة (372) مدني سوري على أنه «يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون، وفيما عدا الاستثناءات التالية» .
وكذلك في التقادم المكسب نصت المادة (919) على ما يلي:
وتقدير المدة في الحالتين مأخوذ من الفقه الإسلامي، حيث ذكر الفقهاء أن التقادم يسري على الحقوق الخاصة، ومدته العادية خمس عشرة سنة، فإذا مرت مروراً معتبراً دون ادعاء بالمال من قبل صاحبه لا تسمع دعواه بعدها (1).
وأما الأموال العامة فلا تسمع الدعوى فيها بعد مضي (33) سنة في الوقف والإرث، وبعد (36) سنة في أموال بيت المال، وبعد عشر سنوات في الأراضي الأميرية.
وأما المجلة فأخذت في المادة (1662) بمدة (15) سنة في جميع الحقوق غير الوقف فهي (36) سنة، والأراضي الأميرية فهي عشر سنين.
وتبتدئ المدة من وقت ظهور واضع اليد على الشيء بمظهر المالك لها، وعدم المانع الشرعي من إقامة دعواه كالصغر والجنون والعته. وهذا ما نصت عليه المادة (1663) من المجلة.
كما نصت المادة (379) على حالات وقف التقادم بقولها: «1 - لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه، ولو كان المانع أدبياً، وكذلك لايسري التقادم فيما بين الأصيل والنائب.
(1) المدخل إلى نظرية الالتزام في الفقه للأستاذ مصطفى الزرقاء: ف 156 ص 230.