الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك قال الحنابلة: لا تنفسخ الإجارة بالعذر إلا إذا أوجب خللاً أو عيباً في المعقود عليه تنقص به المنفعة أو تعذر استيفاء المنفعة تعذراً شرعياً، فإن تعذر الزرع بسبب غرق الأرض أو انقطاع مائها فللمستأجر الفسخ.
وأجاز المالكية والحنابلة فسخ البيع في بيع الثمار بسبب الجوائح إذا تلفت الثمرة كلها، وإنقاص الثمن في تلف بعض الثمار، كما سيأتي في حالات فسخ العقود (عقد البيع) ف/75.
5 - الفسخ لاستحالة التنفيذ (الفسخ وتحمل تبعة الهلاك):
(43)
-. عرفنا سابقاً أنه ليس في الفقه الإسلامي نظرية عامة للفسخ، وهذا حسن؛ لأنه يضيق من نطاق الفسخ في العقود على غرار القانون الروماني، ويوفر لها القوة الملزمة في التعاقد؛ أي أن حله بعد عقده أمر خطير، فوجب الاحتراز منه، والتضييق فيه ما أمكن.
ولذا يجيز الفقه الإسلامي الفسخ في حالة استحالة التنفيذ لأحد التزامات العقد، سواء أكان ذلك بفعل الملتزم أم لا؛ لأن الالتزام المقابل يصبح بلا سبب، وبناء عليه، يمكن القول بأن هلاك الشيء في جميع الأحوال قبل القبض يؤدي إلى فسخ العقد باتفاق المذاهب. وتقع تبعة الهلاك على عاتق الملتزم، كهلاك المبيع قبل القبض، وكما إذا لم يستطع المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة، فإن التزامه بدفع الأجرة يسقط (1). ويسقط حق الفسخ إذا هلك الشيء أو تغير شكله بعد قبض المشتري له.
(1) النظرية العامة للالتزامات في الشريعة الإسلامية للدكتور شفيق شحاته: ص 167.
هذا .. وقد نص فقهاء الحنابلة على أنه إذا تعذر على البائع تسليم المبيع، فللمشتري الفسخ (1).
(44)
- وإذا نص على التزام ما صراحة أو ضمناً في العقد، فإن عدم الوفاء به، يؤدي كذلك إلى الفسخ، مثال الصريح: ما لو تعهد المشتري بتقديم رهن أو كفيل بالثمن، ولم يفعل، فإن عقد البيع يفسخ. ومثال الشرط الضمني: ما إذا وجد المشتري في العين المبيعة عيباً، فله الفسخ، لأن سلامة المبيع من العيوب شرط ضمني في عقد البيع، وكذلك في عقد الإجارة. وقد اعتبروا استحقاق المبيع عيباً.
(45)
- ويفسخ العقد أيضاً إذا تجزأ الشيء أو تغير شكله قبل التسليم، وكذلك إذا وجد المشتري نقصاً في المقادير؛ لتعيب رضا المشتري الذي لم يتوصل إلى وزن متفق عليه.
وقد يفسخ العقد أيضاً كما تقدم إذا شاب الرضا بعض العيوب، كالغبن التدليسي والخطأ (الغلط) والإكراه، ويفسخ أيضاً في حال بيع العين الغائبة، أو غير المرئية، فللمشتري الذي لم ير المبيع حق الفسخ أيضاً؛ لأن الغلط حينئذ كثير الاحتمال (2)، وبه يتبين أن الفسخ بالمعنى الصحيح لا يكون إلا في الأحوال التي يصيب فيها رضا العاقد عيب، أو يختل هذا الرضا، لعد تحقق الشرط الذي توقعه العاقد عند التعاقد.
(46)
- وأساس الفسخ في جميع الأحوال مخالفة شرط صريح أو ضمني في العقد، ويكون الفسخ نتيجة لإعمال شرط يتضمنه العقد عند الإخلال بالالتزام.
(1) شرح منتهى الإرادات: 187/ 2، الطبعة الجديدة، مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد للقاضي أحمد القاري (م 472).
(2)
شفيق شحاته، المرجع السابق: ص168 ومابعدها.