الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنجاز المقاول العمل المتفق عليه هو انقضاء للالتزام أو انقضاء للمقاولة، أما فسخ المقاولة بالتراضي أو بالقضاء لسبب ما، أو لعذر طارئ يحول دون تنفيذ العقد أو إتمام تنفيذه، فهو انحلال للعقد وانقضاء للالتزام معاً تبعاً للانحلال.
3 - الفرق بين الفسخ والإبطال والبطلان والفساد:
(87)
- الفسخ: حل ارتباط العقد المنعقد لعدم التنفيذ، أو للإخلال بالالتزام، أولعدم توافر الرضا التام ويحدث بالتراضي أو بالقضاء (1). أما الإبطال: فهو الحكم بكون الشيء باطلاً من أساسه لفقد ركنه أو محله أو لنقص في أهلية العاقد، ولا حاجة فيه لقضاء الحاكم، والبطلان أثر ذلك الحكم اللازم للشيء بعد نقضه بسبب الخلل الجوهري الذي صاحب العقد منذ نشوئه. وأما الفساد: فهو عند القائلين به في المعاملات وهم الحنفية اختلال في صفة عارضة طارئة على العقد، غير جوهرية فيه.
فإذا هلك المبيع قبل القبض تعذر تسليمه وفسخ البيع، وإذا صدر العقد من عديم الأهلية، كالمجنون والمعتوه، كان باطلاً، وإذا كان المبيع أو الثمن مجهولاً، فسد العقد، ووجب إزالة الفساد شرعاً، فإن لم يزل الفساد، انتقل الملك بالقبض خبيثاً غير طيب في تقدير الشرع، ويأثم العاقد.
4 - الفسخ وشرط الإلغاء الصريح أو الضمني:
(88)
- أثبت جمهور الحنفية وجمهور العلماء استحساناً حق الفسخ حال الشرط الصريح بإلغاء العقد، وهو ما يسمى بخيار النقد: وهو كما تقدم أن يشترط البائع على المشتري أداء الثمن في مدة معينة، وإلا لغا البيع بينهما، أو يشترط البائع
(1) المحمصاني، المرجع السابق: ص 492 - 496.
أنه إذا رد الثمن للمشتري في المدة المعينة، يفسخ البيع، وذلك منعاً لمماطلة المشتري بدفع الثمن.
لكن اختلف المجيزون له في المدة، فحددها أبو حنيفة بثلاثة أيام كخيار الشرط، وحددها غيره بحسب الحاجة، وتركها محمد بن الحسن بدون تحديد، وبرأيه أخذت المجلة، لكن الأصل في خيار الشرط اللزوم، فإذا انتهت المدة المشروطة دون فسخ لزم العقد، والأصل في خيار النقد عدم اللزوم، فإذا لم ينقد الثمن في المدة فسد البيع ولا ينفسخ.
ولم يجز الشافعي وزفر خيار النقد وقالوا بعدم صحته مطلقاً (1).
(89)
- وأما عند عدم الشرط الصريح فلم يقرّ الفقه الإسلامي كمبدأ عام حق إلغاء العقد بسبب عدم التنفيذ، بل إنما أقر الفسخ في بعض الحالات المذكورة سابقاً في بحث أسباب الفسخ لوجود شرط ضمني بجواز الفسخ أو الإلغاء، ومن تلك الحالات:
أولاً - أن حق الفسخ مقرر في بعض أحوال استحالة التنفيذ، كعجز البائع عن تسليم المبيع بسبب هلاكه، يكون للمشتري خيار الفسخ، وكبيع السّلم (بيع آجل بعاجل) إذا تعذر تسليم المبيع عند حلول الأجل، لعدم وجوده، يكون المشتري بالخيار بين فسخ السّلم واسترداد الثمن، أو انتظار وجوده إلى العام المقبل (2). وكعقد الإجارة إذا لم يستطع المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة، فإن التزامه بدفع الأجرة يسقط.
(1) البحر الرائق: 6/ 6 - 7، المجلة (م 313 - 315) الشرح الكبير للدردير: 59/ 4، الميزان الكبرى للشعراني: 92/ 2، كشاف القناع: 184/ 3.
(2)
الدر المختار: 269/ 4، القوانين الفقهية: ص 270.
ثانياً - أجاز الحنفية باستحسان المصلحة ما يسمى بخيار الوصف أو خيار فوات الوصف المرغوب فيه (وهو أن يكون المشتري مخيراً بين أن يقبل بكل الثمن المسمى أو أن يفسخ البيع حيث فات وصف مرغوب فيه، في بيع شيء غائب عن مجلس العقد) أي أنه يثبت حق الفسخ للعاقد الذي اشترطه إذا لم يوجد الوصف المطلوب، كأن يشتري جوهرة على أنها أصلية أو بقرة على أنها حلوب أوشيئاً يحتاج لتجربة، ثم يظهر العكس، فيكون المشتري مخيراً إن شاء فسخ البيع، وإن شاء أخذ المبيع بجميع الثمن المسمى؛ لأن هذا وصف مرغوب فيه، يستحق في العقد بالشرط، فإذا فات، وجب التخيير، لعدم توافر الرضا بدونه (1).
ومثل ذلك في عقد الاستصناع: إذا لم يكن المصنوع على الوصف المطلوب؛ كان المستصنع مخيراً (2).
ثالثاً: يجوز عند جمهور الفقهاء غير الحنفية الفسخ في عقود المعاوضة بسبب الإفلاس حال وفاة المدين واسترداد المبيع الموجود، كما تقدم. كذلك أجاز الإمام الشافعي أيضاً خلافاً للجمهور حق الرجوع والاسترداد في حال وفاة المدين إذا تبين أنه مفلس.
رابعاً: أثبت الفقهاء بالاتفاق خيار العيب، فيجوز الفسخ بسببه، والشرط ليس صريحاً بل هو ضمني، كما إذا وجد المشتري بالمبيع عيباً، فإنهم قالوا: إن سلامة المبيع من العيوب شرط ضمني في عقد البيع، وكذلك في الإجارة، فإنها تنفسخ بخيار عيب حاصل قبل العقد أو بعده بعد القبض يفوت به النفع، كخراب الدار، وانقطاع ماء الرحى وانقطاع ماء الأرض (3).
(1) رد المحتار: 49/ 4، فتح القدير: 135/ 5، المجلة (م 310 - 312).
(2)
المجلة (م 392).
(3)
الدر المختار ورد المحتار: 77/ 6.