الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدل زفر على عدم انعقاد اليمين في المستحيل عادة بقوله: المستحيل عادة يلحق بالمستحيل حقيقة، وبما أنه لاتنعقد اليمين في المستحيل حقيقة، فلا تنعقد في المستحيل عادة.
واستدل جمهور الحنفية على انعقاد اليمين في المستحيل عادة: بأن الذي ينبغي مراعاته هو حقيقة الشيء والعادة فيه، فإذا قررنا انعقاد اليمين فقد اعتبرنا الحقيقة والعادة معاً، وهو أولى من النظر إلى العادة فقط، أو إهدار الحقيقة كما يرى زفر.
والخلاصة: إن زفر سوّى في الحكم بين المستحيل حقيقة والمستحيل عادة وهو عدم انعقاد اليمين، وأن أبا يوسف سوَّى في الحكم بين النوعين وهو انعقاد اليمين، وأن أبا حنيفة ومحمد فرقا بين المستحيل حقيقة والمستحيل عادة، فتنعقد اليمين في النوع الثاني دون الأول.
ووافق بقية أئمة المذاهب رأي جمهور الحنفية في المستحيل عادة. وأما في المستحيل عقلاً فقد اتفق الشافعي والقاضي من الحنابلة مع أبي يوسف في الرأي. كما اتفق مالك وأبو الخطاب من الحنابلة مع أبي حنيفة ومحمد وزفر رحمهم الله جميعاً، وسبق ذكر ذلك كله.
3ً ــ
شرط ركن اليمين:
ركن اليمين بالله تعالى: هو اللفظ الذي يستعمل في اليمين بالله تعالى، وهو مركب من المقسم عليه والمقسم به. وقد تكلمت عن المقسم به تحت عنوان: صيغة اليمين.
الاستثناء في اليمين:
اشترط جميع الفقهاء (1) في ركن اليمين نفسه:
(1) راجع المغني لابن قدامة الحنبلي: 8 ص 715 ومابعدها، البدائع: 3 ص 15، مختصر الطحاوي: ص 308، بداية المجتهد: 1 ص 399، القوانين الفقهية: ص 166 ومابعدها .....
أن يخلو عن الاستثناء (1)، مثل: إن شاء الله تعالى، أو إلا أن يشاء الله، أو ماشاء الله، أو إلا أن يبدو لي غير هذا، أو إلا أن أرى غير هذا، أو إلا أن أحب غير هذا، أو قال: إن أعانني الله، أو يسّر الله، أو قال: بمعونة الله، أو بتيسيره ونحو ذلك.
فإن قال الحالف شيئاً مما ذكر متصلاً مع لفظ اليمين، لم تنعقد اليمين أي أن للاستثناء بالمشيئة تأثيراً في اليمين بالاتفاق. وإن فصل الاستثناء عن لفظ اليمين انعقدت. ودليله قول النبي صلى الله عليه وسلم:«من حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث» (2) وروى أبو داود: «من حلف فاستثنى: فإن شاء رجع، وإن شاء ترك» (3) فقول النبي عليه الصلاة والسلام: «من حلف فاستثنى» يقضي كونه عَقِبه لا منفصلاً عنه.
وذكر المالكية شروطاً ثلاثة لتعطيل اليمين بالاستثناء بالمشيئة أو بإلا وهي ما يأتي (4):
أحدها ـ النطق باللسان، ولا يكفيه مجرد النية إلا في الاستثناء بمشيئة الله.
الثاني ـ اتصاله باليمين من غير فصل إلا بنحو سعال أو عطاس أو تثاؤب وشبه ذلك. وقال الشافعي: لا بأس بالسكتة الخفيفة للتذكر أو للتنفس أو انقطاع الصوت.
(1) إذا قال الحالف مع يمينه: (إن شاء الله)، فهذا يسمى استثناء، روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من حلف فقال: إن شاء الله فقد استثنى» .
(2)
رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة، وعند النسائي:«من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، فقد استثنى» (راجع جامع الأصول: 12ص 298، نصب الراية: 3ص302).
(3)
رواه مالك والشافعي وأحمد وأصحاب السنن الأربعة وابن حبان والحاكم من حديث ابن عمر، وفي لفظ:«من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، فقد استثنى» وفي رواية الترمذي: «من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فلا حنث» رجاله رجال الصحيح إلا أن القاسم لم يدرك ابن مسعود (المرجعان السابقان، مجمع الزوائد: 4 ص 182، الإلمام: ص 427، نيل الأوطار: 8 ص 219، سبل السلام: 4 ص 103).
(4)
القوانين الفقهية: ص 167، 171، الشرح الكبير: 2 ص 129، 161.