الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني عشر ـ أثر الذكاة في المشرف على الموت أو المريض:
إذا أشرف حيوان على الموت بسبب اعتداء عليه، أو مرض، ثم ذبح، فهل يحل أكله؟
أولاً ـ أثر الذكاة في المشرف على الموت بسبب اعتداء:
إذا اعتدي على الحيوان المأكول بخنق، أو ضرب، أو جرح سبع كذئب، ثم أدركه صاحبه فذبحه، أو لم يدركه، فمات، فله أحوال أربعة (1):
1 -
إن مات قبل الذكاة، لم يؤكل إجماعاً، لقوله تعالى:{حرمت عليكم الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، والمنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع، إلا ما ذكيتم} [المائدة:3/ 5](2) فهذه الحيوانات الخمسة المذكورة في الآية (ما بعد المهل به لغير الله) لم يحل أكلها إذا ماتت قبل إدراكها حية ولم تذبح.
2 ـ إن أدرك حياً أي غلب على الظن أنها تعيش، بأن يصاب لها مقتل، فذبح، أكل إجماعاً، لقوله تعالى:{إلا ما ذكيتم} [المائدة:3/ 5].
(1) رد المحتار: 217/ 5، الشرح الكبير:113/ 2، البدائع:40/ 5، القوانين الفقهية: ص 183، بداية المجتهد: 425/ 1 وما بعدها، كشاف القناع: 206/ 6، أحكام القرآن للجصاص: 306/ 2، أحكام القرآن لابن العربي: 539/ 2.
(2)
أي إلا ما أدركتموه حياً مما سبق، فذكيتموه من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع جزءاً منه وما أهل لغير الله به، فإذا كانت فيه حياة ولو بسيطة بأن يطرف عيناً أو يضرب برجل أو يد ثم ذبح، صار حلالاً، والمنخنقة: هي التي ماتت بأي شكل كان. والموقوذة: هي التي ماتت بعصا أو بحجر بلا ذكاة شرعية. والمتردية: هي ما سقطت من مكان عال كجبل أو هوت في بئر. والنطيحة: هي ما نطحتها بهيمة أخرى، فماتت. وما أكل السبع: هي ما قتلت بافتراس حيوان كالذئب والنمر مثلاً، وما أهل لغير الله به: أي ما ذكر عليه اسم غير الله، لأن أكله مشاركة لأهله في عبادة غير الله.
3 -
إن نفذت مقاتل البهيمة: وهي المنفوذة المقاتل (1)(أي المقطوع بموتها)، لم تؤكل عند المالكية وأجاز على وابن عباس أكلها. وتعمل فيها الذكاة عند الشافعية والحنابلة متى كان فيها حياة مستقرة. وتؤثر فيها الذكاة عند الحنفية إن علمت حياتها، أو لم تدر حياتها فتحركت أو خرج الدم، وهذا يتأتى فيما اعتدى عليها الذئب فبقر بطنها، وفي المنخنقة والمتردية والنطيحة؛ لعموم قوله تعالى:{إلا ماذكيتم} [المائدة:3/ 5].
4 -
الميئوس من حياته ولم تنفذ مقاتله؛ أو المشكوك في أمره، تؤثر الذكاة في حل أكله عند الحنفية، وهو مشهور قول المالكية ما دامت حياته محققة. وقال بعض المالكية: لا تؤثر الذكاة فيه ولا يؤكل. وأجاز الشافعية والحنابلة ذبح الميئوس الذي تكون فيه حياة مستقرة، ولم يجز المشكوك في أمره.
وعلى هذا فإذا غلب على الظن أن المعتدى عليها تهلك بإصابة مقتل أو غيره، فقال الحنفية والشافعية: تعمل الذكاة فيها، وقال قوم: لا تعمل الذكاة فيها، وعن مالك: الوجهان، وقال ابن القاسم: تذكى وتؤكل.
ومنشأ الخلاف في الميئوس منها وفي منفوذة المقاتل: هو الاستثناء المذكور في الآية السابقة، هل هو استثناء متصل أو منقطع؟ فمن قال: إنه متصل، قال: تعمل الذكاة في هذه الأحوال. ومن قال: إنه منقطع أي ما ذكيتم من غيرها، لم يعمل الذكاة فيها.
والمراد بالحياة المطلوب تحققها في هذه الحالة عند الحنفية والمالكية: هو وجود
(1) هي التي بلغ القتل فيها أحد أمور خمسة متفق عليها: وهي قطع الأوداج، وانتشار الدماغ، وانتشار الأحشاء، وخرق أعلى المصران في مجرى الطعام والشراب، لا أسفله. وقطع النخاع الشوكي (القوانين الفقهية، المكان السابق: الشرح الكبير: 113/ 2).