الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجاز المالكية (1) لغير المسلم دخول الحرم المكي، دون البيت الحرام، بإذن أو أمان. ولا يجوز عندهم مطلقاً دخول الكافر مسجداً، ولا يمكَّن من دخوله، إلا لعذر، كالدخول للتقاضي أمام الحاكم المسلم، قياساً على منعه من دخول المسجد الحرام؛ لأن العلة وهي النجاسة موجودة في كل مشرك، والحرمة موجودة في كل مسجد.
وقال الشافعية والحنابلة (2): يمنع غير المسلم، ولو لمصلحة من دخول حرم مكة، لقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس، فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} [التوبة:28/ 9] وقد ورد في الأثر: «الحرم كله مسجد» (3). ويجوز عندهم للكافر لحاجة دخول المساجد الأخرى غير المسجد الحرام، بإذن المسلمين؛ لأن نص الآية في المسجد الحرام، والأصل في الأشياء الإباحة، ولم يرد في الشرع ما يخالف هذا الأصل، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم عليه وفد أهل الطائف، فأنزلهم في المسجد قبل إسلامهم. وقال سعيد بن المسيب: قد كان أبو سفيان يدخل مسجد المدينة، وهو على شركه. وقدم عمير بن وهب، فدخل المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم فيه ليفتك به، فرزقه الله الإسلام.
سابعاً ـ الاحتكار:
معناه:
الاحتكار: هو الادخار للبيع، وطلب الربح بتقلّب الأسواق، أما الادخار للقوت فليس من الاحتكار. هذا تعريف المالكية (4).
(1) مواهب الجليل للحطاب: 381/ 3، الخرشي: 144/ 3، ط ثانية، أحكام القرآن لابن العربي: 901/ 2، مذكرة تفسير آيات الأحكام للسايس: 22/ 3 ومابعدها.
(2)
مغني المحتاج: 247/ 4، تفسير ابن كثير: 346/ 2، الإفصاح لابن هبيرة: ص448، المغني: 531/ 8 - 532.
(3)
قال عطاء: الحرم كله مسجد لقوله تعالى: {فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} .
(4)
المنتقى على الموطأ: 15/ 5 ومابعدها، القوانين الفقهية: ص 255 ومابعدها.
وعرفه الحنفية (1) بقولهم: الاحتكار لغة مصدر حكر أي حبس فهو احتباس الشيء انتظاراً لغلائه، والمراد به شرعاً: حبس الأقوات متربصاً للغلاء. أو هو اشتراء طعام ونحوه، وحبسه إلى الغلاء أربعين يوماً، لقوله عليه الصلاة والسلام:«من احتكر طعاماً أربعين ليلة، فقد برئ من الله، وبرئ الله منه، وأيُّما أهل عَرْصة ـ بقعة ـ بات فيهم امرؤ جائع، فقد برئت منهم ذمة الله» (2).
وعرفه الشافعية (3) بأنه: إمساك ما اشتراه وقت الغلاء ليبيعه بأكثر مما اشتراه عند اشتداد الحاجة. بخلاف إمساك ما اشتراه وقت الرخص، لا يحرم مطلقاً، ولاإمساك غلة ضيعته، ولا ما اشتراه في وقت الغلاء لنفسه وعياله، أو ليبيعه بمثل ما اشتراه.
وفي كراهة إمساك ما فضل عن كفايته وكفالة عياله سنة وجهان: أوجههما ـ عدم الكراهة، لكن الأولى بيعه.
وقال الحنابلة (4): الاحتكار المحرم ما اجتمع فيه ثلاثة شروط:
1ً - أن يكون بطريق الشراء، لا الجلب، فلو جلب شيئان، أو أدخل من غلته شيئاً، فادخره، لم يكن محتكراً، لقوله عليه الصلاة والسلام:«الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون» (5).
(1) العناية شرح الهداية بهامش تكملة الفتح: 126/ 8، رد المحتار: 282/ 5، البدائع: 129/ 5، تبيين الحقائق: 27/ 6، اللباب: 166/ 4.
(2)
رواه أحمد وابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى الموصلي والحاكم والدارقطني والطبراني وأبو نعيم عن ابن عمر (نصب الراية: 262/ 4، نيل الأوطار: 221/ 5).
(3)
مغني المحتاج: 38/ 2، سبل السلام: 25/ 3.
(4)
المغني: 221/ 4.
(5)
أخرجه ابن ماجه وابن راهويه والدارمي وعبد بن حميد وأبو يعلى الموصلي والبيهقي عن عمر بن الخطاب (نصب الراية: 261/ 4).