الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في العقد، فيجعل مقترناً بالعقد، أو معلقاً عليه كتعليق الكفالة والطلاق، مثل إن سافر مدينك اليوم فأنا كفيل بدينك، وإن فعلتِ (مخاطباً زوجته) كذا فأنت طالق، وكسائر القيود والالتزامات التي يشترطها المتعاقدان على أنفسهما.
وقد بحثت ذلك في بحث حرية العاقد في الشروط.
أولاً ـ شرائط الانعقاد:
هي ما يشترط تحققه لجعل العقد في ذاته منعقداً شرعاً وإلا كان باطلاً. وهي نوعان: عامة وخاصة.
فالشرائط العامة: هي التي يجب توافرها في كل عقد.
والشرائط الخاصة: هي التي يطلب وجودها في بعض العقود دون سواها. كاشتراط الشهود في عقد الزواج، فلا ينعقد الزواج إلا بحضور الشاهدين، وإلا كان باطلاً.
وكاشتراط التسليم في العقود العينية (وهي الهبة والإعارة والإيداع والقرض والرهن) فلا يتم انعقاده إلا بتسليم محل العقد وإلا كان باطلاً.
وكعدم تعليق العقد على شرط في المعاوضات والتمليكات كالبيع والهبة والإبراء، فإن التعليق يبطلها. والشرائط العامة للانعقاد: هي الشروط المطلوبة في صيغة التعاقد وفي العاقد، وفي المحل المعقود عليه، وألا يكون العقد ممنوعاً شرعاً، وأن يكون العقد مفيداً.
أما شروط الصيغة والعاقد ومحل العقد فقد ذكرت سابقاً فلا داعي لتكرارها هنا.
وأما كون العقد غير ممنوع شرعاً: فهو ألا يوجد نص شرعي يقتضي بطلانه، مثل التبرع من مال الصغير القاصر أو بيع شيء من ماله بغبن فاحش، فلا تنعقد
الهبة من مال القاصر من أي واحد، سواء الولي أومن نفس الصغير، ويكون العقد باطلاً، حتى ولو أجازه الصغير بعد بلوغه؛ لأن الباطل لا يقبل الإجازة. ومثل الاستئجار على فعل المعاصي أو ارتكاب الجرائم أو بيع المخدرات والمسكرات. ومثل بيع الغرر (أي غرر الوجود) وهو بيع الشيء المحتمل للوجود والعدم، أي أن المعقود عليه هو المحتمل للوجود والعدم كبيع اللبن في الضرع والصوف على الظهر، واللؤلؤ في الصدف، والحمل في البطن، والسمك في الماء، والطير في الهواء قبل صيدهما. ومنه بيع ضربة القانص (وهو أن يقول البائع: بعتك ما يخرج من إلقاء هذه الشبكة مرة بكذا)، وضربة الغائص (وهو أن يقول البائع: أغوص غوصة، فما أخرجته من اللآلئ فهو لك بكذا).
ومنه بيع المضامين (ما في أصلاب الذكور) والملاقيح (ما في بطون الإناث) وبيع الملامسة والمنابذة وإلقاء الحصاة أو الحجر: وهي أن المشتري أو البائع إذا لمس المبيع أو نبذه البائع للمشتري، أو ألقى المشتري عليه حصاة أو حجراً، فقد لزم العقد، فالمبيع في هذه الأحوال مجهول الذات أو المقدار، وقد ثبت النهي عنها كما تقدم، وكانت بيوعاً متعارفة في الجاهلية، فهي باطلة أي أن غرر الوجود مبطل للبيع.
والخلاصة: أن المنع الشرعي (1) قد يكون بسبب طريقة العقد كبيع الغرر، أو بسبب محل العقد كبيع المخدرات والاستئجار على فعل المعاصي، أو بسبب موضوع العقد كهبة مال القاصر، والتعامل بالذهب في سوريا ومصر (2).
(1) يلاحظ أن النهي أو المنع الشرعي عند الحنفية قد يكون أثره البطلان أو عدم الانعقاد وقد يكون أثره الفساد أي الانعقاد مع الخلل الفرعي.
(2)
المدخل الفقهي للأستاذ الزرقاء: ف 167.