الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - الوكيل بالخصومة:
أي بالمرافعة أمام القضاء كالمحامي اليوم، يملك كل ما يتعلق بالدعوى وما لا بد منه فيها، ومن ذلك الإقرار على موكله عند الحنفية ما عدا زفر (1)؛ لأن مهمة الوكيل بيان الحق وإثباته، لا المنازعة فيه فقط، وبيان الحق قد يكون إنكاراً لدعوى الخصم، وقد يكون إقراراً.
وقال زفر وأئمة المذاهب الثلاثة الأخرى (2): لا يقبل إقرار الوكيل بالخصومة على موكله بقبض الحق وغيره، لأن التوكيل بالخصومة معناه التوكيل بالمنازعة، والإقرار مسالمة، لأنه يترتب عليه إنهاء الخصومة، فلا يملكه الوكيل كالإبراء. كذلك يملك الوكيل بالخصومة قبض المال المحكوم به لموكله عند الحنفية ما عدا زفر (3)؛ لأن هذا من تمام الخصومة، والخصومة لا تنتهي إلا بالقبض، والوكيل أمين على مصالح موكله (4).
وقال زفر والشافعية والحنابلة (5): لايملك القبض، لأن الرجل الثقة بالتقاضي والمخاصمة قد لايكون أميناً في قبض الحقوق.
2 - الوكيل بالبيع:
إذا كان مقيد التصرف يتقيد بالقيد الذي حدده له الموكل بالاتفاق بين الفقهاء، فإذا خالف القيد، لاينفذ تصرفه على الموكل، ولكن يتوقف على إجازته، إلا إذا كانت مخالفته إلى خير؛ لأنه محقق لمقصود الموكل ضمناً.
(1) البدائع: 24/ 6، تكملة الفتح: 10/ 6، المبسوط: 4/ 19، الدر المختار: 430/ 4، الكتاب مع شرحه اللباب: 151/ 2.
(2)
بداية المجتهد: 297/ 2، الشرح الكبير: 379/ 3، المهذب: 351/ 1، المغني: 91/ 5.
(3)
البدائع: 24/ 6 ومابعدها، تكملة فتح القدير: 96/ 6، المبسوط: 19/ 19، مجمع الضمانات: ص 261.
(4)
قال المرغيناني صاحب الهداية: والفتوى اليوم على قول زفر رحمه الله، لظهور الخيانة في الوكلاء، وقد يؤتمن على الخصومة من لا يؤتمن على المال.
(5)
المهذب: 351/ 1، المغني: 91/ 5.
فإذا كان وكيلاً بالبيع بثمن ما، فباع بأقل، لا ينفذ، لأنه خلاف إلى شر، وإن باع بأكثر، نفذ، لأنه خلاف إلى خير، وإذا وكل بالبيع نقداً فباع مؤجلاً لم ينفذ إلا بإجازة الموكل، وإذا وكل بالبيع مؤجلاً فباع نقداً، نفذ.
وإن كان الوكيل مطلق التصرف: فيعمل عند أبي حنيفة بمقتضى الإطلاق، فله أن يبيع بأي ثمن كان، قليلاً أو كثيراً، حتى بالغبن الفاحش، عاجلاً أو آجلاً، كما أوضحت سابقاً، عملاً بإطلاق الحرية للوكيل بالتصرف.
وقال الصاحبان وبرأيهما يفتى، وبقية الأئمة الثلاث: يتقيد الوكيل المطلق بالمتعارف، فلا يبيع إلا بالنقود المتداولة، وبمثل القيمة، وبالمعجل، فلا يبيع بالأعيان، ولا بما لا يتغابن الناس فيه عادة، أي بالغبن اليسير، ولا بالنسيئة المؤجلة (1).
وفي حال المخالفة يكون العقد موقوفاً على إجازة الموكل عند الحنفية، باطلاً عند الشافعية.
وليس للوكيل بالبيع عند أبي حنيفة أن يبيع لنفسه ولا لزوجته وأبيه وجده وولده وسائر من لا تقبل شهادته له؛ لأنه متهم في ذلك بمراعاة مصلحته أو إيثار العين المبيعة لأقاربه.
وقال الصاحبان: يجوز له أن يبيع لهؤلاء لا لنفسه بمثل القيمة أو أكثر؛ لأن التوكيل مطلق، والبيع لأحد من هؤلاء أو غيرهم سواء، ولا تهمة هنا؛ لأن ملكه وأملاكهم متباينة، فالمنافع منقطعة فيما بينهم (2).
(1) المراجع السابقة في بحث الوكالة المقيدة والمطلقة.
(2)
البدائع: 28/ 6، تكملة فتح القدير: 67/ 6 ومابعدها، رد المحتار: 424/ 4، مجمع الضمانات: ص 261.