الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أـ أهلية الوجوب:
هي صلاحية الشخص للإلزام والالتزام، أو هي صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له كاستحقاق قيمة المتلف من ماله، أو وجوبها عليه كالتزامه بثمن المبيع وعوض القرض، أي أن لهذه الأهلية عنصرين:
عنصر إيجابي: وهو صلاحية كسب الحقوق بأن يكون دائناً، وهو عنصر الإلزام أو الدائنية.
وعنصر سلبي: وهو صلاحية تحمل الواجبات أو الالتزامات بأن يكون مديناً، وهو عنصر الالتزام أو المديونية.
ومناط هذه الأهلية: هو الحياة أو الصفة الإنسانية (1)، فكل إنسان حتى الجنين في بطن أمه له أهلية وجوب، والأهلية تبدأ في الفقه مع بدء الشخصية، فهي ملازمة للشخصية، وصفة من صفات الشخصية. والشخصية تبدأ في فقهنا منذ بدء تكون الجنين في الرحم وتنتهي بالموت.
وفي القانون المدني تبدأ بتمام ولادة الإنسان حياً، وتنتهي بموته (م 31).
والعنصر السلبي للأهلية (أي المديونية) يتطلب وجود شيء آخر في الشخصية وهو الذمة: وهي وصف شرعي مقدر كوعاء اعتباري في الشخص تثبت فيه الديون والالتزامات المترتبة عليه.
وبناء عليه: يتوقف ثبوت الحق للشخص على وجود أهلية فيه. وأما ثبوت الديون عليه فيتوقف على وجود ظرف اعتباري مفترض في كل شخص هو الذمة.
فيقال: لفلان في ذمة فلان مبلغ مالي كذا (2).
(1) المدخل الفقهي العام للأستاذ الزرقاء: ف 408.
(2)
المرجع السابق: ف 410،مدخل نظرية الالتزام في الفقه للأستاذ الزرقاء أيضاً: ف 118 ومابعدها.
وأهلية الوجوب نوعان: ناقصة وكاملة.
أهلية الوجوب الناقصة: هي صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له فقط أي تؤهله للإلزام ليكون دائناً لا مديناً. وتثبت للجنين في بطن أمه قبل الولادة. وسبب نقص أهليته أمران: فهو من جهة يعد جزءاً من أمه، ومن جهة أخرى يعد إنساناً مستقلاً عن أمه، متهيئاً للانفصال عنها بعد تمام تكوينه. لذا فإنه تثبت له بعض الحقوق الضرورية النافعة له: وهي التي لا تحتاج إلى قبول، وهي أربعة أنواع (1):
1 -
النسب من أبويه.
2 -
الميراث من قريبه المورث، فيوقف له أكبر النصيبين على تقدير كونه ذكراً أو أنثى.
3 -
استحقاق الوصية الموصى له بها.
4 -
استحقاقه حصته من غلات الوقف الموقوفة عليه.
لكن الحقوق المالية الثلاثة الأخيرة ليست للجنين فيهاملكية نافذة في الحال بل تتوقف على ولادته حياً. فإن ولد حياً ثبتت له ملكية مستندة إلى وقت وجود سببها أي بأثر رجعي. وإن ولد ميتاً رد نصيبه إلى أصحابه المستحقين له. فغلة الوقف تعطى لبقية المستحقين، والموصى به يرد إلى ورثة الموصي، وحصة الميراث المجمدة له توزع لبقية الورثة. وثبوت الحق للجنين في الوقف هو رأي الحنفية والمالكية، أما رأي الشافعية والحنابلة فلا يثبت له حق التملك إلا بالإرث والوصية، فلا يصح عندهم الوقف على الجنين، لأنه يشترط إمكان التملك في الحال وهو لا يتملك.
(1) كشف الأسرار على أصول البزدوي: ص 1359 ومابعدها، القواعد لابن رجب الحنبلي: ص 178 ومابعدها.
أما الحقوق التي تحتاج إلى قبول كالشراء والهبة فلا تثبت له، ولو مارسها عنه وليه (الأب أو الجد) إذ ليس له ضرورة بها، ولأن الشراء له يلزمه بالثمن وهو ليس أهلاً للالتزام.
وأما الواجبات أو الالتزامات لغيره فلا تلزمه، كنفقة أقاربه المحتاجين (1).
والخلاصة: إن الجنين له ذمة ناقصة تؤهله لاكتساب بعض الحقوق فقط، وليست له ذمة كاملة صالحة لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات.
أهلية الوجوب الكاملة: هي صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له، وتحمل الواجبات (أو الالتزامات). وتثبت للشخص منذ ولادته حياً، دون أن تفارقه في جميع أدوار حياته، فيصلح لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات. ولا يوجد إنسان فاقد لهذه الأهلية.
وتحديد وجود الولادة: فيه رأيان للفقهاء، قال الحنفية (2): تثبت أهلية الوجوب بمجرد ظهور أكثر الجنين حياً. وقال غير الحنفية (3): لا تثبت هذه الأهلية إلا بتمام ولادة الجنين حياً. وبهذا الرأي أخذ القانون المدني السوري (م 13) وقانون الأحوال الشخصية السوري (م 1/ 236،2/ 260).
وأما الحقوق الثابتة للطفل بعد الولادة: فهي التي تحصل له نتيجة التصرف الذي يمكن للولي أو الوصي أن يمارسه بالنيابة عنه، كتملك ما يشترى له أو يوهب له.
وأما الالتزامات الواجبة على الطفل فهي كل ما يستطاع أداؤه عنه من ماله، سواء من حقوق العباد أو من حقوق الله، وهي:
(1) قرر فقهاء الحنابلة إيجاب نفقة الأقارب على الحمل من ماله (القواعد لابن رجب: ص181).
(2)
شرح السراجية: ص 216 وما بعدها.
(3)
المغني: 316/ 6 ومابعدها.