الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كذلك لا يصح اشتراط الخيار في عقد ي السلم والصرف؛ لأن السلم يشترط لصحته قبض رأس مال السلم في مجلس العقد، والصرف يشترط فيه قبض البدلين في المجلس. وخيار الشرط يقتضي تأخير القبض عن المجلس وإذا تأخر القبض عن المجلس فسد العقد، فلا يصح اشتراط
خيار فيهما (1).
مدة الخيار:
اتفق جمهور الفقهاء غير المالكية على أن مدة الخيار المشروط ينبغي أن تكون معلومة، فإن لم تكن له مدة، أو كانت المدة مجهولة، أو كان الخيار مؤبداً لم يصح العقد، وكان فاسداً عند الحنفية (2)، وباطلاً عند الشافعية والحنابلة (3).
وقال الإمام مالك: يجوز الخيار المطلق بدون تحديد مدة، ويحدد الحاكم له مدة كمدة خيار مثله في العادة؛ لأن اختيار المبيع في مثله مقدر في العادة، فإذا أطلق الخيار حمل على المعتاد. ويفسد العقد باشتراط مدة زائدة على المعتاد بكثير أي بعد يوم، أو بشرط مدة مجهولة كإلى أن تمطر السماء (4).
ثم اختلف الفقهاء في مقدار مدة الخيار على ثلاثة أقوال:
1 -
فقال أبو حنيفة وزفر والشافعي (5): إنها لا تزيد على ثلاثة أيام، عملاً بمقتضى الحديث الذي ثبتت به مشروعية هذا الخيار، وهو حديث حَبَّان بن مُنْقِذ الذي كان يغبن في البيع والشراء، فشكا أهله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «إذا
(1) الدر المختار ورد المحتار لابن عابدين: 50/ 4 ومابعدها.
(2)
البدائع: 174/ 5، رد المحتار: 49/ 4.
(3)
المهذب: 259/ 1، المغني: 589/ 3.
(4)
بداية المجتهد: 108/ 2، الشرح الكبير: 95/ 3.
(5)
المبسوط: 40/ 13 ومابعدها، البدائع: 174/ 5، فتح القدير: 110/ 5 ومابعدها، مغني المحتاج: 47/ 2، المجموع:201/ 9.
بايعت فقل: لا خلابة (1)، ولي الخيار ثلاثة أيام» فهذا الخيار شرع استثناء لدفع الغبن عن الناس، فيقتصر فيه على مورد النص، والنص جعل المدة ثلاثة أيام، فلا يزاد عليها، ولأن الحاجة تتحقق بالثلاث غالباً.
فلو زاد عليها فسد العقد عند أبي حنيفة وزفر، ويعود صحيحاً عند أبي حنيفة إذا ارتفع سبب الفساد بإجازة العقد في مدة الأيام الثلاثة، وعند زفر: الفاسد من العقود لا يعود صحيحاً بحال. ويبطل العقد عند الشافعي.
2 -
وقال الصاحبان والحنابلة (2): تكون مدة الخيار بحسب اتفاق العاقدين، ولو كانت أكثر من ثلاثة أيام؛ لأن الخيار شرع للتروي والمشورة، وقد لا تكفي الأيام الثلاثة. والتحديد المذكور في حديث حبان كان كافياً بالنسبة له بتقدير الرسول صلى الله عليه وسلم. وما يكون كافياً لشخص قد لا يكفي لغيره، فلا يكون هذا التحديد ما نعاً من الزيادة على المدة المذكورة.
3 -
وقال المالكية (3): يجوز الخيار بقدر ما تدعو إليه الحاجة، ويختلف ذلك باختلاف الأحوال، فالفاكهة لا يجوز الخيار فيها أكثر من يوم، والثياب والدواب: ثلاثة أيام، والأرض البعيدة: أكثر من ثلاثة أيام، والدار ونحوها: شهر؛ لأن المفهوم من الخيار هواختبار المبيع، وإمكان الاختبار يختلف بحسب المبيعات، تحقيقاً لحاجة العقد.
(1) أي لا خديعة ولا غبن أي لا يحل لك خديعتي ولا تلزمني خديعتك، والحديث رواه الحاكم والبيهقي والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ومالك في الموطأ عن ابن عمر (سبل السلام: 35/ 3، نيل الأوطار: 182/ 5).
(2)
المبسوط: 41/ 13، فتح القدير: 111/ 5، البدائع: 174/ 5، المغني:585/ 3، غاية المنتهى: 30/ 2.
(3)
بداية المجتهد: 207/ 2، الشرح الكبير مع الدسوقي: 91/ 3، 95، القوانين الفقهية: ص273.