الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني ـ شروط الإيجاب والقبول:
الشرط: ما يتوقف عليه وجود الشيء، ويكون جزءاً خارجاً عن حقيقته. كالوضوء أو الطهارة للعبادات، لا تصح الصلاة بدون الطهارة، لكنها غير داخلة في تكوين الصلاة. وكالقدرة على التسليم في المعاملات لابد منها لانعقاد العقد، لكنها ليست جزءاً داخلاً في تكوين العقد. وبذلك يظهر أن الركن والشرط يتوقف عليهما وجود الشيء. إلا أن الركن داخل في حقيقة الشيء وجزء منه، أما الشرط فخارج عن الحقيقة ولا يعد جزءاً منها.
------------------------------
(1)
الدر المختار وحاشية ابن عابدين: 10/ 4 ومابعدها، الشرح الكبير: 3/ 3، فتح القدير: 79/ 5، البدائع: 137/ 5.
(2)
نص القانون المدني السوري على ذلك في المادة 98: «يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذين صدر فيهما القبول
…
».
(3)
المهذب: 257/ 1، غاية المنتهى: 4/ 2 ....
و
اشترط الفقهاء لانعقاد العقد شروطاً ثلاثة في الإيجاب والقبول
هي (1):
1 -
وضوح دلالة الإيجاب والقبول، أي أن يكون كل من الإيجاب والقبول واضح الدلالة على مراد العاقدين، بأن تكون مادة اللفظ المستعمل لهما في كل عقد تدل لغة أو عرفاً على نوع العقد المقصود للعاقدين؛ لأن الإرادة الباطنة خفية، ولأن العقود يختلف بعضها عن بعض في موضوعها وأحكامها، فإذا لم يعرف بيقين أن العاقدين قصدا عقداً بعينه لا يمكن إلزامهما بأحكامه الخاصة به.
ولا يشترط لهذه الدلالة لفظ أو شكل معين، فإن الشكلية في غير عقد الزواج والعقود العينية كالهبة والرهن غير مطلوبة فقهاً؛ لأن العبرة في العقود للمعاني، لا للألفاظـ والمباني، فيصح البيع بلفظ الهبة بعوض، وينعقد الزواج بلفظـ الهبة إذا اقترن بالمهر.
2 -
تطابق القبول والإيجاب: بأن يكون القبول موافقاً للإيجاب، بأن يرد
(1) البدائع: 136/ 5 ومابعدها، حاشية ابن عابدين: 5/ 4، فتح القدير: 80/ 5، أحكام المعاملات الشرعية للشيخ علي الخفيف: ص69 ومابعدها، مغني المحتاج: 5/ 2 ومابعدها، حاشية الدسوقي: 5/ 3، غاية المنتهى: 4/ 2، نهاية المحتاج: 8/ 3 - 10.
على كل ما أوجبه الموجب وبما أوجبه، أي على كل محل العقد، ومقدار العوض في عقود المعاوضات، سواء أكانت الموافقة حقيقية، كما لو قال البائع: بعتك الشيء بعشرة، فيقول المشتري: اشتريته بعشرة، أو ضمنية، كما لو قال المشتري في المثال السابق: اشتريته بخمس عشرة. أو أن تقول المرأة: زوجتك نفسي بمئة، فيقول الزوج: قبلت الزواج بمئة وخمسين، فالتوافق متحقق ضمناً، وهذه المخالفة خير للموجب. لكن العقد لا يلزم إلا بالمقدار الذي وجهه الموجب أي مئة في المثال الأخير، وأما الزيادة فموقوفة على قبول الموجب في مجلس العقد، فإن قبل به الموجب لزم القابل؛ لأن المال لا يدخل في ملك إنسان بغير اختياره إلا في الميراث.
فإن لم يتطابق القبول مع الإيجاب، وحدثت مخالفة بينهما، لا ينعقد العقد، كأن خالف القابل في محل العقد، فقبل غيره، أو بعضه، مثل قول البائع: بعتك الأرض الفلانية، فيقول المشتري: قبلت شراء الأرض المجاورة لها، أو قبلت شراء نصفها بنصف الثمن المتفق عليه، فلا ينعقد العقد لمخالفته محل العقد، أو لتفرق الصفقة على البائع، والمشتري لا يملك تفريقها أي تجزئتها.
وإذا خالف في مقدار الثمن، فقبل بأقل مما ذكر البائع، لا ينعقد العقد أيضاً، وكذا لو خالف في وصف الثمن لا في قدره، كأن أوجب البائع بثمن حال نقدي، فقبل المشتري بثمن مؤجل، أو أوجب بأجل إلى شهر معين، فقبل المشتري بأجل أبعد منه، لم ينعقد البيع في الحالتين، لعدم تطابق القبول مع الإيجاب، وحينئذ لابد من إيجاب جديد.
ويختلف القانون المدني مع الفقه الحنفي في حالة المخالفة إلى خيرللموجب، إذ يقرر القانونيون (1) أن العقد لا يتم، كما يفهم من صريح المادة (97) مدني
(1) الوسيط للسنهوري: ص 219 ومابعدها.