الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والباء والواو يستعملان في جمع ما يقسم به من أسماء الله تعالى وصفاته. أما التاء فإنه لا يستعمل إلا في اسم الله تعالى، تقول: تالله، ولا تقول: تالرحمن، تعزة الله تعالى.
ولو لم يذكر الحالف شيئاً من هذه الأدوات بأن قال: (اللهِ لا أفعل كذا) يكون يميناً عند الجمهور. وقال الشافعية: لو قال: (الله) ورفع أو نصب أو جر فليس بيمين إلا بنية (1).
2 - اليمين بصفة من صفات الله تعالى:
صفات الله تعالى ثلاثة أقسام:
أحدها ـ ما لا يستعمل في عرف الناس وعاداتهم إلا في الصفة نفسها، فالحلف بها يكون يميناً، مثل:«وعزة الله، وعظمته، وجلاله، وكبريائه» يكون حالفاً؛ لأن الحلف بهذه الصفات أمر متعارف بين الناس.
الثاني ـ أن يحلف بصفة تستعمل صفة لله ولغيره على السواء، فالحلف بها يكون يميناً أيضاً، مثل (وقدرة الله تعالى، وقوته وإرادته، ومشيئته ورضاه، ومحبته، وكلامه)(2) فإنه يكون حالفاً؛ لأن هذه الصفات، وإن استعملت في غير صفة الله، لكن تعين المراد منها بقرينة القسم، إذ لا يجوز القسم بغير اسم الله تعالى وصفاته.
(1) راجع هذا المبحث في البدائع: 3 ص 5، فتح القدير: 4 ص 8، تبيين الحقائق للزيلعي 3 ص 109، 111، الدر المختار: 3 ص 54، بداية المجتهد: 1 ص 394، مغني المحتاج: 4 ص 320 - 323، المهذب: 2 ص 129، المغني: 8 ص 677، 689 - 693.
(2)
الحلف بكلام الله أي بصفته يمين، كما في البدائع: 3 ص 6 وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبيه. وقال صاحب الدر: وأما الحلف بكلام الله فيدور مع العرف أي لأن الكلام صفة مشتركة، والتعارف إنما يعتبر في الصفة المشتركة لا في غيرها (الدر المختار: 3 ص 56).
ومما يلحق بهذا القسم: أن يقول الحالف: (وأمانة الله) في ظاهر الرواية عند الحنفية، وهو مذهب المالكية والحنابلة أيضاً. وذكر الطحاوي: أنه لايكون يميناً وإن نوى، دليله: أن أمانة الله فرائضه التي تعبد بها عباده من الصلاة والصوم وغيرهما. قال الله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال .. } [الأحزاب:72/ 33] الآية، فكان حلفاً بغير اسم الله عز وجل، فلا يكون يميناً.
ودليل ظاهر الرواية: أن الأمانة المضافة إلى الله تعالى عند القسم يراد بها صفته، بدليل أن «الأمين» من أسماء الله تعالى، وهو مشتق من الأمانة، فكان المراد بها ـ لا سيما في حالة القسم ـ صفة الله.
وقال المالكية: اليمين المنعقدة الموجبة للكفارة: الحلف بالله وبأسمائه كالعزيز والرحيم، وبصفاته كعلمه وقدرته وسمعه وبصره وكلامه ووحدانيته، وقدمه وبقائه وعزته وجلاله وعهده وميثاقه وذمته وكفالته وأمانته، وكذلك باسمه وحقه. ويلحق بذلك القرآن والمصحف على المشهور.
وقال الشافعية في الراجح عندهم: لا ينعقد اليمين بأمانة الله إلا أن ينوي الحلف بصفة الله تعالى؛ لأن الأمانة تطلق على الفرائض والودائع والحقوق، كما في الآية السابقة.
ومن هذا القسم: (وعهد الله)(1) فهو يمين، وهذا باتفاق الحنفية والمالكية والحنابلة، وفي وجه عند الشافعية؛ لأن العادة الحلف بها والتغليظ بألفاظها كالحلف بالله وصفات، وفي الوجه الثاني عند الشافعية وهو الراجح: لا تعتبر يميناً ما لم ينو الحالف بها اليمين؛ لأنها تحتمل أن المراد بالعهد: هو استحقاق الله ما
(1) المراد بعهد الله: أي إلزامه وتكاليفه.
تعبدنا به، فهو يمين، وتحتمل أن المراد بها ما أخذ علينا من العهد في العبادات، فليس بيمين، لأنه يمين بشيء محدث (1).
ومن هذا القسم أيضاً: (ووجه الله) فهو يمين؛ لأنه الوجه المضاف إلى الله تعالى يراد به الذات، قال تعالى:{كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص:88/ 28] أي ذاته.
ولو قال الحالف: (وأيم الله) كان يميناً وكذلك إذا قال: (لعمر الله)(2).
وقال الشافعية لو قال: (وأيم الله) أو (لعمر الله) ونوى به اليمين، كان يميناً (3).
وقال المالكية والحنابلة كالحنفية: إذا قال الحالف: (وأيم الله) أو (أيمن الله) أي بركته، فهو يمين تجب كفارته؛ لأن الحلف بذلك متعارف، وكذا إذا حلف بقوله (لعمر الله)(4).
الثالث ـ أن يحلف بصفة تستعمل لله تعالى، ولغيره، لكن استعمالها في غير الصفة هو الغالب، فالحلف بها لا يكون يميناً، مثل قول الحالف:(وعلم الله)(ورحمة الله)، (وكلام الله) أو غضبه أو سخطه أو رضاه (5)، لا يكون هذا يميناً؛
(1) راجع هذا المبحث في البدائع: 3 ص 6، فتح القدير: 4 ص 14، الفتاوى الهندية: 2 ص 49، الشرح الكبير للدردير: 3 ص 127، المغني: 8 ص 697، 703، المهذب: 2 ص 130، القوانين الفقهية: ص 158.
(2)
البدائع، المرجع السابق، الدر المختار: 3ص 58، تبيين الحقائق: 3 ص 110.
(3)
راجع المهذب: 2 ص 130، مغني المحتاج: 4 ص 324 وأصل الكلمة: وأيم أي أيمن فحذفت منه النون لكثرة الاستعمال كما حذفوها في (يكن) فقالوا (يك).
(4)
الشرح الكير، المرجع السابق، المغني: 8 ص 691، 693، والمراد من قوله:(لعمر الله) أي البقاء والحياة.
(5)
أي إذا أريد بهذه الصفات آثارها، فلا يكون الحلف بها يميناً إلا بالنية