الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يسم»، وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل منا يذبح، وينسى أن يسمي الله، قال: اسم الله على كل مسلم» (1) وفي لفظ: «على فم كل مسلم» أو «اسم الله في قلب كل مسلم» .
والأحاديث الأخرى المطالبة بالتسمية مثل خبر أبي ثعلبة: «فما صدت بقوسك فاذكر اسم الله، ثم كل
…
» محمولة على الندب. وهذا الرأي أيسر من غيره، لكن أدلة الجمهور وأحاديثهم أصح وأقوى ثبوتاً وأعم مراداً.
المطلب السابع ـ سنن التذكية:
يستحب في التذكية ما يأتي وهي سنن الذبح (2):
1 -
التسمية عند من لا يوجبها وهم الشافعية، والتكبير، فيقول: بسم الله، والله أكبر. ولا يقل: باسم الله واسم محمد، وأضاف الشافعية: ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عند الذبح؛ لأنه محل طاعة.
2 -
كون الذبح بالنهار، ويكره تنزيهاً عند الحنفية بالليل، قياساً على الأضحية، خشية الخطأ في الذبح، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الأضحية ليلاً، وعن الحصاد ليلاً (3).
(1) أخرجه الدارقطني، وفيه ضعيف (نصب الراية، المكان السابق).
(2)
البدائع: 60/ 5، الدر المختار: 208/ 5، تبيين الحقائق: 291/ 5، تكملة الفتح: 60/ 8، بداية المجتهد: 435/ 1، القوانين الفقهية: ص 185، الشرح الكبير: 271/ 4 ومابعدها، المهذب: 251/ 1 ومابعدها، كشاف القناع: 208/ 6 ومابعدها.
(3)
أخرج الطبراني عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبح ليلاً، لكن في إسناده متروك. وفي البيهقي عن الحسن:«نهى عن جذاذ الليل وحصاده، والأضحية بالليل» وهو حديث مرسل (نيل الأوطار: 126/ 5).
3 -
توجه الذابح والذبيحة نحو القبلة؛ لأن القبلة جهة معظمة وهي أشرف الجهات، والتذكية عبادة، وكان الصحابة إذا ذبحوا استقبلوا القبلة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ضحى، وجه أضحيته إلى القبلة، وقال:{وجهت وجهي .. } [الأنعام:79/ 6] الآيتين (1). فإن لم يستقبل ساهياً أو لعذر، أكلت.
4 -
إضجاع الذبيحة على شقها الأيسر برفق، ورأسها مرفوع. ويأخذ الذابح جلد حلقها من اللحي الأسفل، فيمده، حتى تتبين البشرة، ثم يمر السكين على الحلق تحت الجوزة، حتى يقف في عظم الرقبة. فإن كان أعسر، جاز أن يجعلها على شقها الأيمن. ويكره ذبح الأعسر ويستحب أن يستنيب غيره.
وتترك رجلها اليمنى تتحرك بعد الذبح لتستريح بتحريكها، إلا الإبل، فالأفضل أن تنحر قائمة معقولة ركبتها اليسرى، لقوله تعالى:{فاذكروا اسم الله عليها صوافّ} [الحج:36/ 22] كما سيأتي.
5 -
نحر الإبل قائمة معقولة الركبة اليسرى، وذبح البقر والغنم مضجعة لجنبها الأيسر وتترك رجلها اليمنى، وتشد باقي القوائم، لقوله تعالى في الإبل:{فاذكروا اسم الله عليها صوافّ} [الحج:36/ 22] قال ابن عباس: «أي قياماً على ثلاث» (2) أما الشاة ففي الصحيحين: «أنه أضجعها» وقيس عليها البقر وغيره، لأنه أسهل على الذابح في أخذه السكين باليمين، وإمساك الرأس باليسار.
ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب نحر الإبل (3)، وذبح ما سواها، قال الله تعالى:{فصل لربك وانحر} [الكوثر:2/ 108] وقال تعالى: {إن الله
(1) رواه ابن ماجه عن جابر (نيل الأوطار: 126/ 5).
(2)
رواه الحاكم وصححه.
(3)
معنى النحر: أن يضربها بحربة أو نحوها، في الوهدة التي بين أصل عنقها وصدرها.
يأمركم أن تذبحوا بقرة} [البقرة:67/ 2] قال مجاهد: أمرنا بالنحر، وأمر بنو إسرائيل بالذبح (1). وثبت «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر بدنة، وضحى بكبشين أقرنين ذبحهما بيده» (2).
6 -
قطع الأوداج كلها والتذفيف أي الإسراع بالذبح، ويكره قطع البعض دون البعض، لما فيه من إبطاء فوات الحياة. ولايبلغ بالذبح النخاع (وهو العرق الأبيض الذي يكون في عظم الرقبة) ولا إبانة الرأس، ولو فعل ذلك يكره، لما فيه من زيادة إيلام من غير حاجة إليه، كما بان سابقاً.
7 -
إحداد الشفرة (السكين العظيمة) قبل الإضجاع، لا بمرأى البهيمة؛ لأنها تعرف الآلة الجارحة كما تعرف المهالك، فتتحرز عنها، فإذا أحد الشفرة، وقد أضجعها، يزداد ألمها. قال النبيصلّى الله عليه وسلم:«إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم، فأحسنوا القِتْلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» (3) وفي سنن البيهقي أن عمر رضي الله عنه «رأى رجلاً وقد أضجع شاة، ووضع رجله على صفحةوجهها، وهو يحد الشفرة، فضربه بالدِّرة» وعن ابن عباس قال: «مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة، وهو يحد شفرته، وهي تلحظ إليه ببصرها، قال: أفلا قُتِل هذا، أو يريد أن يميتها موتتين» (4).
ويستحب ألا يذبح شاة، وأخرى تنظر إليه لما روى ابن عمر: «أن رسول الله
(1) المغني: 575/ 8 ومابعدها.
(2)
متفق عليه.
(3)
رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه عن شدّاد بن أوس (نيل الأوطار: 141/ 8) والقتلة والذبحة: هي الهيئة والحالة.
(4)
رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد: 33/ 4).