الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر المالكية أن اليمين بغير الله مكروهة، وقيل: حرام، أما اليمين بنحو (اللات والعزى) فإن اعتقد تعظيمها فهو كفر، وإلا فهو حرام. وذكر الحنابلة أن الأيمان خمسة أنواع:
أحدها ـ واجب: وهي التي ينجي بها إنساناً معصوماً من الهلاك.
والثاني ـ مندوب: وهو الذي تتعلق به مصلحة من إصلاح بين متخاصمين، أو إزالة حقد من قلب مسلم عن الحالف أو غيره أو دفع شر.
والثالث ـ المباح: مثل الحلف على فعل مباح أو تركه، والحلف على الإخبار بشيء هو صادق فيه أو يظن أنه فيه صادق.
والرابع ـ المكروه: وهو الحلف على فعل مكروه أو ترك مندوب.
والخامس ـ المحرم: وهو الحلف الكاذب، فإن الله تعالى ذمه بقوله:{ويحلفون على الكذب وهم يعلمون} [المجادلة:14/ 58] ولأن الكذب حرام.
أنواع اليمين:
اليمين بالله تعالى ثلاثة أنواع: يمين منعقدة، ويمين الغموس، ويمين اللغو، قال محمد في كتاب (الأصل):«الأيمان ثلاثة: يمين مكفَّرة، ويمين لا تكفَّر، ويمين نرجو ألا يؤاخذ الله بها صاحبها. وفسر الثالثة بيمين اللغو» (1).
1 - اليمين الغَموس:
عرفها الحنفية والمالكية بأنها: اليمين الكاذبة قصداً في الماضي أو في الحال، أو هي الحلف على أمر ماض أو في الحال متعمداً الكذب فيه نفياً أو إثباتاً، مثل قول الحالف:(والله لقد دخلت هذه الدار) وهو يعلم أنه ما دخلها، أو قوله عن رجل:(والله إنه خالد) مع علمه أنه عامر ونحو ذلك.
(1) البدائع: 2/ 3.
وحكمها عند الجمهور ومنهم الحنفية والمالكية والحنابلة على الراجح عندهم (1): أنه يأثم فيها صاحبها، ويجب عليه التوبة والاستغفار، ولا كفارة عليه بالمال. استدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«من حلف على يمين هو فيها فاجر، ليقتطع بها مال امرئ مسلم حرم الله عليه الجنة وأدخله النار» (2) وفي الصحيحين: «لقي الله وهو عليه غضبان» . قال ابن مسعود: «كنا نعد من اليمين التي لا كفارة لها: اليمين الغموس» وعن سعيد بن المسيب قال: «هي من الكبائر، وهي أعظم من أن تُكفَّر» ، يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس واليمين الغموس» (3). والمعقول يؤيدهم وهو أن الذي أتى به الحالف أعظم من أن تكون فيه الكفارة، فلا ترفع الكفارة إثمها، ولا تشرع فيها، وقد سميت بالغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار.
وقال الشافعية وجماعة: تجب الكفارة في اليمين الغموس، أي تسقط الكفارة الإثم فيها كما تسقطه في غير الغموس؛ لأنه وجدت من الحالف اليمين
(1) راجع المبسوط: 8 ص 127، البدائع: 3 ص3، 15، الفتاوى الهندية: 2 ص 48، فتح القدير: 4 ص 3، تبيين الحقائق: 3 ص107، الشرح الكبير للدردير بهامش حاشية الدسوقي: 2 ص 128، بداية المجتهد: 1 ص 396، المغني: 8 ص 686، القوانين الفقهية: ص 160.
(2)
أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي أمامة، ورواية الصحيحين ومثلها رواية أبي داود والترمذي هي عن عبد الله بن مسعود، ورواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات عن العرس بن عميرة، ورواه أحمد والطبراني أيضاً عن أبي موسى بلفظ:«من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أحد لقي الله عز وجل، وهو عليه غضبان» (راجع جامع الأصول: 12 ص 295، مجمع الزوائد: 4 ص 178، نصب الراية: 3 ص 292).
(3)
رواه البخاري من حديث ابن عمر، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ فذكر في الحديث الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس، وفيه قال السائل: وما اليمين الغموس؟ قال: «الذي يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها كاذب» (راجع نيل الأوطار: 8 ص 235، سبل السلام: 4 ص 105 ومابعدها).