الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول ـ تعريف الصيد وحكمه أو مشروعيته:
تعريف الصيد: الصيد أو الاصطياد لغة: مصدر «صاد» أي أخذ، فهو صائد، وذاك مصيد، ويسمى المصيد صيداً، ويجمع على صيود. والمصيد: هو كل حيوان متوحش طبعاً، ممتنع عن الآدمي، مأكولاً كان أو غير مأكول، لا يمكن أخذه إلا بحيلة.
والصيد: اقتناص حيوان حلال متوحش، طبعاً غير مملوك، ولا مقدور عليه (1).
حكم الصيد:
الاصطياد مباح لقاصده إجماعاً في غير حرم مكة وحرم المدينة، لغير المحرم بحج أو عمرة. ويؤكل المصيد إن كان مأكولاً شرعاً (2) لقوله تعالى:{وإذا حللتم فاصطادوا} [المائدة:5/ 2] أمر بعد حظر، فيفيد الإباحة. ولقوله سبحانه:{وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} [المائدة:5/ 96]{ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} [المائدة:5/ 95]{قل: أحل لكم الطيبات، وما علَّمتم من الجوارح مكلِّبين} [المائدة:4/ 5].
وثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعدي بن حاتم: «إن أرسلت كلبك، وسميت، فأخذ، فقتل، فكل، وإن أكل منه فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه» (3).
وعن أبي قتادة: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى حماراً وحشياً، فاستوى على فرسه، وأخذ رمحه، ثم شد على الحمار، فقتله، فلما أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، سألوه عن ذلك، فقال:«هي طُعْمة، أطعمكموها الله» (4).
(1) تبيين الحقائق: 50/ 6، اللباب: 217/ 3، كشاف القناع: 211/ 6.
(2)
تبيين الحقائق: 50/ 6، المغني: 539/ 8،551 ومابعدها، الدر المختار: 328/ 5.
(3)
متفق عليه بين أحمد والشيخين (نيل الأوطار: 134/ 8، تلخيص الحبير: 133/ 4 ومابعدها).
(4)
متفق عليه.
وعن أبي ثعلبة الخشني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما صدت بقوسك، فذكرت اسم الله عليه، فكل، وما صدت بكلبك المعلم، فذكرت اسم الله عليه، فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم، فأدركت ذكاته، فكل» (1). وأجمع العلماء على إباحة الاصطياد، والأكل من الصيد.
ويكره الصيد لهواً، لأنه عبث لقوله عليه السلام:«لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً» (2) أي هدفاً «من قتل عصفوراً عبثاً، عج إلى الله يوم القيامة يقول: يارب، إن فلاناً قتلني عبثاً، ولم يقتلني منفعة» (3). وهو حرام إن كان فيه ظلم الناس بالعدوان على زروعهم وأموالهم؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد (4).
والصيد أفضل مأكول؛ لأنه حلال لا شبهة فيه، كما أن الزراعة أفضل مكتسب؛ لأنها أقرب إلى التوكل من غيرها، وأقرب للحل. وفيها عمل اليد، والنفع العام للإنسان والحيوان (5).
ومما يؤكد مشروعية الصيد: أنه نوع اكتساب، وانتفاع بما هو مخلوق للإنسان، ليتمكن من البقاء، وتنفيذ التكاليف الشرعية.
هذا وقد قسم المالكية (6) أحكام الصيد خمسة أقسام:
مباح للمعاش، ومندوب للتوسعة على العيال، وواجب لإحياء النفس عند
(1) متفق عليه (نيل الأوطار: 130/ 8).
(2)
رواه مسلم والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس.
(3)
رواه الشافعي وأحمد والنسائي وابن حبان عن عمرو بن الشريد عن أبيه (نيل الأوطار: 137/ 8 ومابعدها).
(4)
كشاف القناع: 211/ 6.
(5)
المرجع السابق.
(6)
القوانين الفقهية: ص 175، الشرح الكبير: 108/ 2.