الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو النص القرآني: {قل: لا أجد في ما أوحي إلي محرماً}
…
إلى قوله: {أو دماً مسفوحاً} [الأنعام:6/ 145] وسمى ما سواه مكروهاً، لثبوته بدليل ظني.
المطلب الحادي عشر ـ أثر ذكاة الأم في الجنين:
لذكاة الجنين أربعة أحوال (1):
الأول ـ أن تلقيه الأم ميتاً قبل الذبح، فلا يؤكل إجماعاً.
الثاني ـ أن تلقيه حياً قبل الذبح، فلا يؤكل إلا أن يذكى (يذبح) وهو مستقر الحياة.
الثالث ـ أن تلقيه حياً بعد تذكيتها، فإن ذبح وهو حي أكل، وإن لم تدرك ذكاته في حال الحياة، فهو ميتة، وقيل عند المالكية: ذكاته ذكاة أمه.
الرابع ـ أن تلقيه الأم ميتاً بعد تذكيتها، وهذا موطن الخلاف بين الفقهاء:
آـ فقال أبو حنيفة وزفر والحسن بن زياد: لا يؤكل بتذكية الأم؛ لأن الله تعالى حرم الميتة، وحرم المنخنقة، والجنين ميتة؛ لأنه لا حياة فيه، والميتة: كل حيوان مات من غير ذكاة، أو إن الجنين مات خنقاً، فيحرم بنص القرآن.
ولا يجعل الجنين تبعاً لأمه؛ لأنه يتصور بقاؤه حياً بعد ذبح الأم، فوجب إفراده بالذبح ليخرج الدم عنه، فيحل به، ولا يحل بذكاة أمه، إذ المقصود بالذكاة إخراج دمه ليتميز من اللحم، فيطيب، فلا يكون تبعاً للأم.
(1) البدائع: 42/ 5، تبيين الحقائق: 293/ 5، اللباب: 228/ 3، القوانين الفقهية: ص 183، بداية المجتهد: 428/ 1 ومابعدها، الشرح الكبير: 114/ 2، مغني المحتاج: 579/ 4، 306، المغني:579/ 8، شرح الرسالة: 381/ 1.
والمراد بحديث «ذكاة الجنين ذكاة أمه» هو التشبيه أي كذكاتها، فلا يدل على أنه يكتفى بذكاة الأم. والخلاصة: أن الجنين الميت لا يؤكل عند الحنفية، أشعر أو لم يشعر، أي تم خلقه، أو لم يتم، لأنه لا يشعر إلا بعد تمام الخلق.
ب ـ وقال جمهور الفقهاء ومنهم صاحبا أبي حنيفة: يحل أكل الجنين إذا خرج ميتاً بذكاة أمه، أو وجد ميتاً في بطنها، أو كانت حركته بعد خروجه كحركة المذبوح.
ويشترط فيه عند المالكية: أن يكون قد كمل خلقه: ونبت شعره، لما روي عن ابن عمر وجماعة من الصحابة، وقال كعب بن مالك:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: إذا أشعر الجنين، فذكاته ذكاة أمه» .
وأجاز الشافعية والحنابلة أكل الجنين الميت، أشعر أم لم يشعر، لما روى ابن المبارك عن ابن أبي ليلى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذكاة الجنين ذكاة أمه، أشعر أو لم يشعر» .
ودليل الجمهور على الجواز حديث حسن: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» (1)، ورأيهم بدليل الثابت في السنة هو الأصح عندي، بل القياس يقتضي أن تكون ذكاة الجنين في ذكاة أمه؛ لأنه جزء منها، فلا معنى لاشتراط الحياة فيه. قال ابن رشد المالكي: وعموم الحديث يضعف اشتراط أصحاب مالك نبات شعره، فلا يخصص العموم الوارد في ذلك بالقياس، أي قياسه على الأشياء التي تعمل فيها التذكية.
(1) روي عن أحد عشر صحابياً وهم الخدري، وجابر، وأبو هريرة، وابن عمر، وأبو أيوب، وابن مسعود، وابن عباس، وكعب بن مالك، وأبو الدرداء، وأبو أمامة، وعلي. فحديث أبي سعيد الخدري مثلاً رواه أحمد والترمذي وحسنه، وابن ماجه، والدارقطني وابن حبان وصححه (نصب الراية: 189/ 4 ومابعدها، نيل الأوطار: 144/ 8).