الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أكل؛ لأنه لا يمكن الاحتراز عنه. بخلاف الحالة المتقدمة، فإنه يمكن الاحتراز عنه، وقد اجتمع فيه سبب الحل والحرمة معاً، فترجح جهة الحرمة احتياطاً، ولحديث عدي بن حاتم السابق:«وإن وقع في ماء، فلا تأكل» . هذا مالم يكن سهم قد أنفذ مقاتله قبل الوقوع، فإن حدث ذلك لم يضره الغرق أو التردي.
المطلب الثاني ـ شروط آلة الصيد:
الآلة نوعان: سلاح، وحيوان.
أـ أما السلاح:
فيشترط أن يكون محدداً كالرمح والسهم والسيف والبارود ونحو ذلك. وإذا رمى الصيد بسيف أو غيره، فقطعه قطعتين أو قطع رأسه، أكل جميعه وأكل الرأس، عند الجمهور (1)، ولا يؤكل الجزء المبان منه إذا بقيت فيه حياة مستقرة؛ لأن «الجزء المقطوع من الحي كميتته» . ويؤكل العضو المبان إذا لم تبق فيه حياة مستقرة ومات بالجرح.
وكذلك قال الحنفية (2): إذا رمى إلى صيد، فقطع عضواً منه أكل المصيد، كوجود الجرح، ولا يؤكل العضو المقطوع بحال، لقوله صلى الله عليه وسلم:«ما أبين من الحي فهو ميت» (3) والمبان منه حي حقيقة لوجود الحياة. وإن قطعه الرامي أثلاثاً أو أكثره مع عجزه، أو قطع نصف رأسه أو أكثره، أو قدَّه نصفين، أُكل كله؛ لأن هذه الصور لا يمكن فيها وجود حياة فوق حياة المذبوح، فلم يتناولها الحديث المذكور. أما لو كان الأكثر مع الرأس، أكل الأكثر، ولا يؤكل الأقل، لإمكان الحياة فوق حياة المذبوح، وأما الأقل فهو مبان من الحي.
(1) القوانين الفقهية: ص 176، 178، المغني: 556/ 8 ومابعدها، بداية المجتهد: 447/ 1، مغني المحتاج: 270/ 4.
(2)
اللباب: 222/ 3، الدر المختار: 336/ 5، تكملة الفتح: 185/ 8 ومابعدها.
(3)
رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين وأحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عمر بلفظ «ما قطع من حي فهو ميته» أو «ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة» (نيل الأوطار: 146/ 8).
ولا يجوز الاصطياد بما لايجوز التذكية به، وهي السن والظفر والعظم على الخلاف السابق في التذكية به.
ولا يجوز الصيد بمثقل (1) كالحجر، والبندقة (طينة مدورة يرمى بها)، والمعراض بعُرضه (سهم لا ريش ولا نصل، أو عصا محددة الرأس) إلا أن يكون له حد، ويوقن أنه أصاب به، لا بالرض؛ لأن ما قتله بحدة بمنزلة ما طعنه برمحه، ورماه بسهم، وما قتل بعُرْضه (جانبه) إنما يقتل بثقله، فهو موقوذ أو وقيذ (ميت بالضرب) ولما روي أن عدي بن حاتم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أرمي الصيد بالمعراض (2)، فأصيب، فقال:«إذا رميت بالمعراض، فخزق (نفذ)، فكله، وإن أصاب بعُرْضه (بغير طرفه المحدد)، فلا تأكله» (3). وفي حديث عبد الله بن مغَفَّل قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخَذْف، وقال: إنه لا يقتل الصيد، ولا ينكأ العدو، وإنه يفقأ العين، ويكسر السن» (4).
وعليه: إذا قتل الصائد أو الذابح الحيوان بمُثْقّل (شيء ثقيل)، أو ثقل محدد كبندقة وسوط، وسهم بلا نصل ولا حد، أو سهم وبندقة معاً، أو جرحه نصل وأثر فيه عُرْض السهم (جانبه) في مروره، ومات بهما (أي الجرح والتأثير) أو انخنق بأحبولة أو شبكة، فهو محرم، بلا خلاف، لأنه قتله بما ليس له حد (5). وهكذا حكم سائر آلات الصيد حكم المعراض في أنها إذا قتلت بعُرْضها ولم تجرح، لم يبح الصيد، كالسهم يصيب الطائر بعُرْضه فيقتله، أو كالسيف بصفحه.
(1) تكملة الفتح: 185/ 8، اللباب: 221/ 3، تبيين الحقائق: 58/ 6، القوانين الفقهية: ص176، بداية المجتهد: 441/ 1، مغني المحتاج: 274/ 4، المهذب: 254/ 1، المغني: 558/ 8 ومابعدها، كشاف القناع: 217/ 6 ومابعدها.
(2)
قال القرطبي: المشهور أنه خشبة ثقيلة آخرها عصا محدد رأسها، وقد لا يحدد. وقال ابن التين: المعراض: عصا في طرفها حديدة يرمي بها الصائد.
(3)
رواه البخاري ومسلم وأحمد (نيل الأوطار: 130/ 8).
(4)
رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي (جامع الأصول: 452/ 7).
(5)
مغني المحتاج: 4/ 472، المهذب: 274/ 4، بداية المجتهد: 446/ 1، المغني: 559/ 8.