الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه مباشرة التصرفات المالية، مثل قبول الهبة أو الصدقة مطلقاً، والبيع والشراء موقوفاً على إجازة وليه. ولا يصح منه التصرف الضار بمصلحته كالتبرع بشيء من أمواله، على ما سبق بيانه.
الدور الرابع ـ دور البلوغ:
يبدأ من البلوغ إلى وقت الرشد. وقد اتفق الفقهاء عملاً بالآيات القرآنية (1) والأحاديث النبوية (2) على أن البالغ يصبح مكلفاً بجميع التكاليف الشرعية. وتكتمل لديه أهلية الأداء الدينية، فيطالب بالإيمان بعناصره الستة (بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره) وبالإسلام بأركانه الخمسة (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد اً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً). وبتطبيق أحكام الشريعة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، واحترام الأموال والأنفس والأعراض، واجتناب المحظورات الشرعية والمعاصي والمنكرات التي تضر بمصلحة الفرد والجماعة.
وأما أهلية الأداء المدنية: فتكتمل عند الفقهاء، خلافاً للقانون، بسن البلوغ إذا بلغ الولد راشداً، فتنفذ تصرفاته المالية وتسلم إليه أمواله. فإن لم يؤنس منه الرشد، فلا تنفذ تصرفاته، ولا تسلم إليه أمواله؛ لأن الشرع جعل البلوغ أمارة على كمال العقل، فإن ثبت العكس عمل به. وسن الرشد في القانون السوري 81 سنة، و12 سنة في القانون المصري.
الدور الخامس ـ دور الرشد:
الرشد أكمل مراحل الأهلية، ومعناه عند
(1) مثل قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح
…
} [النساء:6/ 4].
(2)
مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم» رواه أحمد في مسنده وأبو داود والحاكم عن علي وعمر.
الفقهاء (1): حسن التصرف في المال من الوجهة الدنيوية، ولو كان فاسقاً من الوجهة الدينية (م 947 مجلة) ويتوافر بتحقق الخبرة المالية بتدبير الأموال وحسن استثمارها. وهو أمر يختلف باختلاف الأشخاص والبيئة والثقافة.
فقد يرافق البلوغ، وقد يتأخر عنه قليلاً أو كثيراً، وقد يتقدمه، لكن لا اعتبار له قبل البلوغ، ومرجعه إلى الاختبار والتجربة عملاً بالآية القرآنية:{وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح، فإن آنستم منهم رشداً، فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء:6/ 4].
وبناء عليه: إذا بلغ الشخص رشيداً كملت أهليته، وارتفعت الولاية عنه، وسلمت إليه أمواله، ونفذت تصرفاته وإقراراته.
وإن بلغ غير رشيد بقي ناقص أهلية الأداء، واستمرت الولاية المالية عليه عند جمهور الفقهاء، فلا تنفذ تصرفاته، ولا تسلم إليه أمواله. أما الولاية على النفس كالتأديب والتطبيب والتعليم والتزويج فترتفع عنه بمجرد بلوغه عاقلاً، أي أن اشتراط الرشد محصور في التصرفات المالية، وأما غير ذلك كالزواج والطلاق فإنها نافذة منه بمجرد البلوغ عاقلاً.
وخالف أبو حنيفة في هذا فقال: إذا بلغ الشخص عاقلاً غير رشيد كملت أهليته، وارتفعت الولايةعنه، احتراماً لآدميته وحفاظاً على كرامته، ولكن لا تسلم إليه أمواله على سبيل الاحتياط والتأديب. لا على سبيل الحجر عليه، لأنه لا
(1) هذا ما فسره ابن عباس، وهو مذهب الحنفية والمالكية. ويرى الشافعية أن الرشد: هو أن يتصف بالبلوغ والصلاح لدينه وماله (الدر المختار: 105/ 5، بداية المجتهد: 278/ 2، الشرح الصغير: 393/ 3، المغني: 467/ 4، مغني المحتاج: 7/ 2، 168).