الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الميت وتكريمه بمواراته وستره وجمع أجزائه وتكفينه وإعادة الجثمان لحالته بالخياطة ونحوها بمجرد الانتهاء من تحقيق الغاية المقصودة.
كما يجوز عند الجمهور نقل بعض أعضاء الإنسان لآخر كالقلب والعين والكُلْية إذا تأكد الطبيب المسلم الثقة العدل موت المنقول عنه؛ لأن الحي أفضل من الميت، وتوفير البصر أو الحياة لإنسان نعمة عظمى مطلوبة شرعاً. وإنقاذ الحياة من مرض عضال أو نقص خطير أمر جائز للضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، ولكن لا يقبل بيع هذه الأعضاء بحال، كما لا يجوز بيع الدم، وإنما يجوز التبرع بدفع عوض مالي على سبيل الهبة أو المكافأة عند نقل العضو أو التبرع بالدم في حالة التعرض لهلاك أو ضرر بالغ. فإن تحتم دفع العوض ولا يوجد متبرع من الأقارب أو غيرهم، جاز للدافع الدفع للضرورة.
التداوي بالخمر:
قال أئمة المذاهب الأربعة (1): يحرم على الراجح الانتفاع بالخمر وسائر المسكرات للمداواة وغيرها، كاستخدامها في دُهن أو طعام أو إذابة دواء أو بَلَّ طين، لقوله صلى الله عليه وسلم:«إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» (2)،وروى طارق
(1) البدائع: 113/ 5، الدر المختار وحاشية ابن عابدين: 320/ 5، المنتقى على الموطأ: 154/ 3، 158، التاج والإكليل: 318/ 6، الشرح الكبير للدردير: 352/ 4 ومابعدها، المهذب: 251/ 1، مغني المحتاج: 187/ 4، كشاف القناع: 198/ 6، زاد المعاد: 114/ 3، المغني: 255/ 4، 308/ 8، الفرائد البهية في القواعد الفقهية للشيخ محمود حمزة: ص 286.
(2)
رواه البخاري عن ابن مسعود. وكذا رواه عبد الرزاق والطبري وابن أبي شيبة موقوفاً عليه. وذكره البيهقي وأحمد وأبو يعلى والبزار مرفوعاً، وابن حبان وصححه، من حديث أم سلمة.
ابن سويد أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه، أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء؟ فقال: «إنه ليس بدواء، ولكنه داء» (1).
لكن قال الحنفية (2): يجوز التداوي بالمحرم إن علم يقيناً أن فيه شفاء، ولا يقوم غيره مقامه، أما بالظن فلا يجوز. وقول الطبيب لا يحصل به اليقين. ولايرخص التداوي بلحم الخنزير، وإن تعين.
وقيد الشافعية (3) حرمة التداوي بالخمر إذا كانت صرفاً، غير ممزوجة بشيء آخر تستهلك فيه. أما الترياق المعجون بها ونحوه مما تستهلك فيه، فيجوز التداوي به عند فقد ما يقوم به، مما يحصل به التداوي من الطاهرات، كالتداوي بنجس كلحم حية وبول. وكذا يجوز التداوي بما ذكر لتعجيل شفاء بشرط إخبار طبيب مسلم عدل بذلك، أو معرفته للتداوي به. وبشرط أن يكون القدر المستعمل قليلاً لايسكر.
قال العز بن عبد السلام (4): جاز التداوي بالنجاسات إذا لم يجد طاهراً يقوم مقامها؛ لأن مصلحة العافية والسلامة أكمل من مصلحة اجتناب النجاسة، ولا يجوز التداوي بالخمر على الأصح إلا إذا علم أن الشفاء يحصل بها، ولم يجد دواء غيرها.
وأبان ابن العربي والقرطبي المالكيان (5) أنه يجوز الانتفاع بالخمر للضرورة،
(1) رواه مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والترمذي وصححه هو وابن عبد البر. وروي أيضاً: «لا تداووا بحرام» من حديث أبو داود والطبراني ورجاله ثقات عن أبي الدرداء بلفظ: «إن الله خلق الداء والدواء فتداووا ولا تتداووا بحرام» (مجمع الزوائد: 86/ 5).
(2)
الهدية العلائية للعلامة الشيخ علاء الدين عابدين: ص 251.
(3)
مغني المحتاج: 188/ 4.
(4)
قواعد الأحكام: 81/ 1.
(5)
أحكام القرآن لابن العربي: 56/ 1 ومابعدها، تفسير القرطبي: 231/ 2.