الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروي عن الإمام مالك أن للوكيل والوصي أن يشتريا لأنفسهما من مال الموكل واليتيم، إذا لم يحابيا أنفسهما (1).
الزواج بعاقد واحد:
أجاز جمهور الحنفية ما عدا زفر للشخص الواحد أن يتولى طرفي عقد الزواج بإيجاب يقوم مقام القبول في خمس صور (2).
1 -
إذا كان الشخص ولياً من الجانبين: كأن يزوج الجد بنت ابنه الصغيرة لابن ابنه الصغير.
2 -
إذا كان وكيلاً من الجانبين: كأن يقول: زوجت موكلي فلاناً موكلتي فلانة.
3 -
إذا كان أصيلاً من جانب وولياً من جانب آخر، كأن يتزوج ابن عم بنت عمه الصغيرة التي تحت ولايته، فيقول أمام الشهود: تزوجت بنت عمي فلانة.
4 -
إذا كان أصيلاً من جانب ووكيلاً من جانب آخر، كما لو وكلت امرأة رجلاً ليزوجها من نفسه.
5 -
إذا كان ولياً من جانب ووكيلاً من جانب، مثل زوجت بنتي من موكلي. والسبب في مشروعية انعقاد الزواج في هذه الأحوال أن العاقد ليس إلا سفيراً عن الأصيل ومعبراً عنه، فلا يتحمل شيئاً من التزامات العقد، والواحد يصلح أن يكون معبراً عن اثنين بصفتين مختلفتين.
(1) القوانين الفقهية: ص 328.
(2)
البدائع: 231/ 2، 137/ 5.
والخلاصة: إن العقد بالمعنى الخاص لا يتحقق بإرادة منفردة، بل لا بد لتحققه من توافق أواجتماع إرادتين. وأما انعقاد البيع أو الزواج في الحالات السابقة، وإن اقتصر فيه على شخص واحد، إلا أنه في الحقيقة يمثل صفتين، فقامت عبارة الشخص الواحد التي تدل على إرادتين متوافقتين مقام العبارتين من عاقدين مختلفتين (2).
وهناك فرق ثان بينهما من ناحية الحكم (أي الأثر المترتب على العقد)، وهو أن العقد يلزم الوفاء به من العاقد ديانة وقضاء باتفاق الفقهاء، لقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة:1/ 5] وقوله سبحانه: {وأوفوا بالعهد} [الإسراء:34/ 17]. أما الوعد فلا يلزم الوفاء به قضاء، بل الوفاء به مندوب مطلوب ديانة ومن مكارم الأخلاق. فلو وعد شخص غيره ببيع أو قرض أو هبة مثلاً لا يجبر على الوفاء بوعده بقوة القضاء، بل يندب له تنفيذه ديانة؛ لقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون، كبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} [الصف:2/ 61 - 3] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (3).
(1) نهاية المحتاج: 192/ 5 ومابعدها.
(2)
منع القانون المدني المصري والسوري في المادة 109 من تعاقد الشخص مع نفسه، سواء أكان التعاقد لحساب نفسه أم لحساب غيره إلا إذا رخص الأصيل مقدماً لنائب في التعاقد مع نفسه، أو وجد نص في القانون، أو قضت قواعد التجارة بجواز ذلك (الوسيط للسنهوري: ص 202).
(3)
رواه الشيخان (البخاري ومسلم) والترمذي والنسائي عن أبي هريرة.
هذا هو السائد عند الفقهاء، لكن توجد آراء قد تكون مخالفة للرأي السائد، وقد تكون ملطفة أحياناً بجعل الوعد ملزماً قضاء في بعض الحالات.
قال ابن شبرمة (1): يلزم الواعد ويجبر على الوفاء بوعده قضاء. وقال الحنفية: يلزم الوعد إذا صدر معلقاً على شرط منعاً لتغرير الموعود. وعبروا عن ذلك بقاعدة فقهية: (المواعيد بصورة التعاليق تكون لازمة)(م 38 مجلة) وقال ابن نجيم: «لا يلزم الوعد إلا إذا كان معلقاً» مثل أن يقول شخص لآخر: إذا لم يعطك فلان ثمن المبيع، فأنا أعطيه لك. فيلزمه إعطاؤه حينئذ؛ لأن الوعد اكتسى صفة الالتزام والتعهد.
وقال المالكية (2): يلزم الواعد بوعده قضاء إن أدخل الموعود في سبب أو وعده مقروناً بذكر السبب، كما قال أصبغ من فقهائهم لتأكد العزم على الدفع حينئذ. مثال الحالة الأولى أن يقول لآخر: اهدم دارك وأنا أقرضك ما تبني به الدار، أو اخرج إلى الحج وأنا أقرضك، أو اشتر سلعة، أو تزوج امرأة وأنا أسلفك، ففعل الموعود ذلك، فيجب عليه الإقراض لأنه أدخل الموعود في الالتزام. ومثال الحالة الثانية عند أصبغ: أن يقول شخص لآخر: تزوج أو اشتر، وأنا أقرضك، فيلزمه الوفاء بوعده ولو لم يباشر الموعود فعل الزواج أو الشراء أي سواء تزوج الموعود أو اشترى أم لا، يلزم الواعد بما وعد، دفعاً للضرر الحاصل للموعود من تغرير الواعد.
فإن وعده بدون ذكر السبب، كأن يقول شخص لآخر: أسلفني كذا، فيقول
(1) هو عبد الله بن شبرمة، قاضي فقيه من التابعين ولد سنة 72 هـ وتوفي سنة 144 هـ (تهذيب التهذيب: 250/ 5).
(2)
الفروق للقرافي:24/ 5 - 25، المحلى لابن حزم: 33/ 8، م/1125.