الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كان على عوض من الجانبين أو من جانب واحد يأخذه الغالب من المغلوب، فهو حرام، كما ذكرت في بدء بحث اللهو.
الغناء وآلاته:
قال بعض الحنفية وبعض الحنابلة: يحرم الغناء وسماعه من غير آلة مطربة، لما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الغناء ينبت النفاق في القلب» (1).
وقال بعض آخر من الحنفية والحنابلة، والمالكية: يباح الغناء المجرد من غير كراهة. ويظهر أن رأي هذا البعض هو الراجح.
وقال الشافعية: يكره الغناء وسماعه من غير آلة مطربة، ولا يحرم، لما روي عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«كانت عندي جاريتان تغنيان، فدخل أبو بكر، فقال: مزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهما، فإنها أيام عيد» (2). وقال عمر: الغناء زاد الراكب. والخلاصة: أن الغزالي في بعض تآليفه نقل الاتفاق على حل مجرد الغناء من غير آلة (3).
وأما الآلات: فيحرم في المشهور من المذاهب الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) استعمال الآلات التي تطرب كالعود والطنبور والمعزفة والطبل والمزمار والرباب وغيرها من ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها (4).
(1) الصحيح أنه من قول ابن مسعود (المغني: 175/ 9).
(2)
متفق عليه.
(3)
نيل الأوطار:101/ 8، الإحياء: 238/ 2 ومابعدها.
(4)
انظر بحث السماع في الإحياء للغزالي: 237/ 2 - 268 ويلاحظ أن الغزالي أباح سماع القضيب والطبل والدف وغيره، ولم يستثن إلا المعازف والأوتار والمزامير التي ورد الشرع بالمنع منها، لا للذتها، مثل البَرْبَط والطُنبُور. وانظر أيضاً نيل الأوطار: 100/ 8 - 105، الشرح الصغير وحاشية الصاوي: 502/ 2 ومابعدها.
فمن أدام استماعها، ردت شهادته، لقوله صلى الله عليه وسلم:«ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخمر والخنازير والخز والمعازف» (1) وفي لفظ: «ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير» (2).
واستدلوا على تحريم المعازف من القرآن بقوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} [لقمان:6/ 31] قال ابن عباس: إنها الملاهي.
وبالمعقول: وهو أن هذه الآلات تطرب، وتدعو إلى الصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، وإلى إتلاف المال، فحرمت كالخمر.
ويكره عند الشافعية والحنابلة القضيب الذي يزيد الغناء طرباً، ولا يطرب إذا انفرد، لأنه تابع للغناء، فكان حكمه حكم الغناء، أي أنه مكروه إذا انضم إليه محرم أو مكروه كالتصفيق والغناء والرقص. وإن خلا عن ذلك لم يكره، لأنه ليس بآلة ولا يطرب، ولا يسمع منفرداً بخلاف الملاهي.
وأباح مالك والظاهرية وجماعة من الصوفية السماع ولو مع العود واليراع. وهو رأي جماعة من الصحابة (ابن عمر، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، ومعاوية، وعمرو بن العاص وغيرهم) وجماعة من التابعين كسعيد بن المسيب.
وأما الرقص الذي يشتمل على التثني والتكسر والتمايل والخفض والرفع بحركات موزونة فهو حرام ومستحله فاسق.
(1) رواه البخاري.
(2)
رواه ابن ماجه (نيل الأوطار في الحديثين: 96/ 8) وروى الترمذي حديثاً عن علي: «إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء، وفيه: وشربت الخمور، ولبست الحرير، واتخذت القيان والمعازف» لكنه حديث غريب، (نيل الأوطار: 99/ 8).