الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول ــ الحلف على الدخول:
أبدأ ببيان الأفعال أو الأحوال التي يحلف عليها فعلاً، وأولها الدخول لمكان باعتباره من أهم الأسباب التي تثير المشكلات، وتستدعي الحلول بعد انعقاد الأيمان المحلوفة لمنع المرء نفسه أو غيره من الدخول إلى مكان من الأمكنة.
معنى الدخول:
الدخول: هو الانتقال من خارج المكان إلى داخله. فإن حلف إنسان لايدخل هذه الدار وهو فيها، فمكث بعد يمينه، لايحنث استحساناً، والقياس أن يحنث وهو قول غير الحنفية، ووجه ذلك أن المداومة على الفعل هي بحكم إنشاء الفعل. ووجه الاستحسان: أن معنى الدخول المذكور وهو (الانتقال من خارج الشيء إلى داخله) لايتحقق؛ لأن الدوام هو المكث، والمكث استقرار في الشيء فيستحيل أن يكون انتقالاً.
ولو حلف ألا يدخل داراً أو بيتاً أو مسجداً أو حماماً، فعلى أي وجه دخل: من الباب أو غيره، حنث لوجود الدخول، فإن نزل على سطحها، حنث عند الجمهور غير الشافعية؛ لأن سطح الدار منها، إذ الدار اسم لما تدور عليه الدائرة، والدائرة أحاطت بالسطح. وكذا لو أقام على حائط من حيطانها؛ لأن الحائط مما تدور عليه الدائرة، فكان كسطحها، وهذا هو مذهب المالكية والحنابلة في أن سطح الدار منها، وحكمه كحكمها.
وقال الشافعية: لايحنث بصعود سطح من خارج الدار، لأنه لايسمى داخل الدار لغة ولا عرفاً، لأنه حاجز يقي الدار الحر، والبرد، فهو كحيطانها.
ولو قام على ظلة للدار شارعة (1) أو كنيف شارع (2): فإن كان مفتح ذلك إلى الدار يحنث، لأنه ينسب إليها، فيكون من جملة الدار وإلا فلا يحنث.
وإن قام على أسكفَّة (3) الباب: فإن كان الباب إذا أغلق كانت الأسكفة خارجة عن الباب لم يحنث لأنه خارج، وإن بقيت من داخل الدار حنث، لأنه داخل؛ لأن الباب يغلق على مافي داخل الدار، لا على ما في الخارج.
ولو دخل دهليز (4) الدار حنث باتفاق الحنفية والشافعية؛ لأنه من داخل الدار. ولو دخل ظلة باب الدار لا يحنث، لأنها اسم للخارج.
وإن أدخل الحالف إحدى رجليه في الدار، ولم يدخل الأخرى لا يحنث بالاتفاق؛ لأنه لم يوجد الدخول مطلقاً، وهو الانتقال بكله، وإنما دخل بعضه، وكذا إذا أدخل رأسه دون قدميه (5).
ولو حلف لا يدخل داراً، فدخل داراً بعد انهدامها ولا بناء عليها لا يحنث.
(1) الظلة: كل ما أظلك من بناء أو جبل أو سحاب أي سترك وألقى ظله عليك من الحر والبرد. وقول الفقهاء: ظلة الدار يريدون بها السدة التي فوق باب الدار، أي الساباط الذي يكون على باب الدار، ولايكون فوقه بناء. وكذلك إذا كان فوقه بناء إلا أن مفتحه إلى الطريق، وهو المراد بقوله: ظلة شارعة أي سقيفة تابعة للدار، ولكنها فوق طريق يسير فيه الناس. والشارعة مؤنث الشارع. وإنما لم يحنث في الحالة الأولى: فلأنه لاينطلق عليه اسم البيت ولعدم البيتوتة فيه. وفي الحالة الثانية: لايحنث لأنه ليس من جملة البيت المنسوب إلى شخص.
(2)
الكنيف: هو الكنَّة التي تشرع فوق باب الدار، أي السقفية.
(3)
الأسْكفَّة - بضم الألف والكاف وتشديد الفاء: وهي خشبة الباب التي يوطأ عليها.
(4)
الدهليز - بكسر الدال: ما بين الباب والدار.
(5)
انظر ما ذكر في البدائع: 3 ص 36، المبسوط: 8 ص 168، الفتاوى الهندية: 2 ص 64، تبيين الحقائق: 3 ص 118، فتح القدير: 4 ص 29، 34، الدر المختار: 3 ص 80، وانظر ما ذكر من مذاهب غير الحنفية في كتاب المغني:8 ص 772، 775، 778، مغني المحتاج: 4 ص 332، المهذب: 2 ص 132، القوانين الفقهية: ص 162، الشرح الكبير: 154/ 2.