الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعبارة الحنابلة: وتحرم الجلالة: وهي التي أكثر طعامها النجاسة، كما تحرم ألبانها وهي رواية عن أحمد، وفي رواية أخرى أنها مكروهة غير محرمة، وتزول الكراهة بحبسها اتفاقاً. واختلف في قدره فروي عن أحمد أنها تحبس ثلاثاً، سواء أكانت طائراً أم بهيمة. وروي عنه أيضاً: تحبس الدجاجة ثلاثاً، والبعير والبقرة ونحوهما يحبس أربعين. ويكره ركوب الجلالة.
المطلب الثاني ـ ما لا نص فيه ـ الاحتكام للذوق العربي:
قال الشافعية والحنابلة (1): الحيوان الذي لا نص فيه من كتاب أو سنة أو إجماع، لا خاص ولا عام بتحريم ولا تحليل، ولا ورد فيه أمر بقتله ولا بعدم قتله: إن استطابه أهل يسار (أي ثروة وخصب) وأهل طباع سليمة من أكثر العرب ـ سكان بلاد أو قرى، في حال رفاهية عند الشافعية، أو أهل الحجاز أهل الأمصار عند الحنابلة: حل أكله. لقوله تعالى: {ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث} [الأعراف:157/ 7] ولأن العرب هم الذين نزل عليهم الكتاب، وخوطبوا به، وبالسنة وفيهم بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فيرجع في مطلق ألفاظهما إلى عرفهم، دون غيرهم.
وعليه تكون القاعدة: المحرم من الحيوان: ما نص الله تعالى عليه في كتابه. وما كانت العرب تسميه طيباً فهو حلال، وما كانت تسميه خبيثاً فهو محرم.
ولا يعتبر قول الأجلاف من أهل البادية والفقراء وأهل الضرورة؛ لأنهم للضرورة والمجاعة، يأكلون ما وجدوا.
وما لم يوجد عند أهل الحجاز عند الحنابلة، رد إلى أقرب ما يشبهه في
(1) مغني المحتاج: 303/ 4 ومابعدها، المهذب: 249/ 1، المغني: 585/ 8.
الحجاز. فإن لم يشبه شيئاً منها، فهو مباح، لدخوله في عموم قوله تعالى:{قل: لا أجد في ما أوحي إليّ محرماً} .. [الأنعام:145/ 6] الآية، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:«وما سكت الله عنه فهو مما عفا عنه» (1).
وقال الشافعية: إن جهل اسم حيوان، سئل العرب عنه، وعمل بتسميتهم له مما هو حلال أو حرام؛ لأن المرجع في ذلك إلى الاسم وهم أهل اللسان. وإن لم يكن له اسم عندهم، ألحق بالأشبه به من الحيوان، في الصورة، أو الطبع، أو الطعم في اللحم. فإن تساوى الشبهان، أو فقد ما يشبهه، حل على الأصح، لقوله تعالى:{قل: لا أجد فيما أوحي إليَّ محرماً .. } [الأنعام:145/ 6] الآية.
وعملاً بهذا المبدأ أذكر بإيجاز ما يحرم وما يحل من الحيوان عند الشافعية: أما ما يحرم: فيشمل الحشرات كلها كالنمل والذباب والخنافس والحيَّات والدود والبق والقمل والصُّرصُر والوزع: وهو سام أبرص. ويَحرم ذوات السم وكل ما يندب قتله كالنحل والزنابير والعقارب والفئران والغربان والأفاعي والحِدأ.
ويحرم من الطيور: الخُفَّاش (الوطواط) والخُطَّاف (طائر أسود الظهر أبيض البطن) والببَّغا) طائر أخضر يحاكي الأصوات) والطاوس، والرَّخمة (طائر يشبه النسر) والبُغَاثة (طائر أبيض بطيء الطيران أصغر من الحدأة) ويحرم كل ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير. ويحرم كل متنجس لا يمكن تطهيره كخل وزيت ودبس، وما يضر البدن كالحجر والتراب والزجاج والسم والأفيون.
وأما ما يحل: فيشمل طيور النعامة والبط والحجل والإوَز والدجاج والقطا وغراب الزرع والحمام. ويشمل أيضاً كل طاهر لا ضرر فيه ولا تعافه النفس
(1) أخرجه الترمذي وابن ماجه عن سلمان الفارسي (نيل الأوطار: 106/ 8).