الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحلف على الخروج بدون إذن:
قد يحلف الرجل بطلاق امرأته إذا لم يأذن لها بالخروج، بإحدى الصيغ الآتية:
1 -
أن يقول: (أنت طالق إن خرجت من هذه الدار
إلا بإذني أو برضاي)
ونحوه.
2 -
أن يقول: (أنت طالق إن خرجت من هذه الدار حتى آذن لك أو حتى أرضى).
3 -
أن يقول: (أنت طالق إن خرجت من هذه الدار إلا أن آذن لك أو إلا أن أرضى).
وأبدأ بالحالة الأولى وهي:
1 -
أن يقول: (إلا بإذني أو برضاي): إذا قال رجل لامرأته: (أنت طالق إن خرجت إلا بإذني أو بأمري أو برضاي أو بعلمي) أو قال: (إن خرجت من هذه الدار بغير إذني، أو بغير أمري، أو بغير رضاي، أو بغير علمي) ففي هذه الحالات كلها يحنث إن خرجت بغير إذنه، ويشترط الإذن في كل مرة، حتى لو أذن لها مرة فخرجت، ثم عادت، ثم خرجت بغير إذنه مرة أخرى، حنث. وكذلك لو أذن لها مرة، فقبل أن تخرج نهاها عن الخروج، ثم خرجت بعدئذ يحنث. وإن وجد خروج بإذن فهو خروج مستثنى من يمينه، فلا يكون داخلاً تحت اليمين، فلا يحنث.
والسبب فيه أنه جعل كل خروج شرطاً لوقوع الطلاق، واستثنى خروجاً موصوفاً بصفة: وهو أن يكون الخروج مصحوباً بالإذن؛ لأن الباء في اللغة للإلصاق، مثل كتبت بالقلم أي أنه التصقت الكتابة بالقلم، فكل خروج لايكون
بتلك الصفة، كان داخلاً في اليمين، وصار شرطاً للحنث. قال الله تعالى:{وما نتنزل إلا بأمر ربك} [مريم:64/ 19] أي لا يوجد نزول إلا بهذه الصفة.
ونظيره: ما لو قال لامرأته: (إن خرجت إلا بملاءة، أو بقناع أو إلا راكبة فأنت طالق) فإن وجد الخروج المستثنى لا يحنث، وإن وجد لا على ذلك الوصف: يحنث؛ لأن المستثنى غير داخل في اليمين، وغير المستثنى داخل، فيحنث، لوجود الشرط.
فإن أراد بقوله: (إلا بإذني) مرة واحدة: تصح نيته، ويعمل بمقتضى نيته ديانة فيما بينه وبين الله عز وجل. أما قضاء فيعمل أيضاً بموجب النية عند أبي حنيفة ومحمد، وفي رواية عن أبي يوسف. وقيل: لا يعمل بنيته قضاء، لأنه نوى خلاف الظاهر؛ لأن ظاهر هذا الكلام يقتضي تكرار الإذن في كل مرة كما تقدم، وهو الرأي الراجح الذي عليه الفتوى عند الحنفية.
أما وجه قول الطرفين: فهو أن تكرار الإذن لم يثبت بظاهر اللفظ، وإنما ثبت بإضمار الخروج، فإذا نوى مرة واحدة، فقد نوى ما يقتضيه ظاهر كلامه. والحقيقة أن ظاهر الكلام: هو تكرار الإذن. وأما إذا أريد باليمين الإذن مرة واحدة، فهذا مما يحتمله الكلام فقط، ولذا كان المعول عليه في الفتيا، هو رأي أبي يوسف، فيصدق الحالف في أنه نوى مرة واحدة ديانة لا قضاء، لأنه نوى التخفيف عن نفسه، فلا يصدق في القضاء.
والحيلة في هذه اليمين المتطلبة تكرار الإذن: أن يقول الزوج لامرأته: (أذنت لك الدهر كله) أو (أذنت لك أبداً) أو (كلما شئت الخروج فقد أذنت لك) فيثبت الإذن في كل مرة وجد فيها الخروج؛ لأن كلمة (كلما) توجب التعميم والتكرار.