الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله تعالى قادر على إعادة الحياة فيه إذ الروح لا تموت، فيمكن قتله، ثم إنه يحنث في الحال للعجز عن البر في يمينه عادة مثل الحلف على صعود السماء.
وإن لم يعلم بموته لا يحنث عند أبي حنيفة ومحمد، لأنه عقد يمينه على حياة كانت فيه، ولا يتصور إزالتها، وقال أبو يوسف: يحنث لأن تصور البر ليس بشرط عنده لانعقاد اليمين. وهذا الخلاف جرى كما ذكر سابقاً في مسألة الكوز إذا كان يعلم ألا ماء فيه، فحلف وقال:
(إن لم أشرب الماء الذي في هذا الكوز فامرأتي طالق)
(1).
أما إن حلف أن يضرب فلاناً في غد، فمات الحالف في يومه، فلا حنث عليه عند الحنابلة والشافعية، وإن مات المحلوف عليه في الغد، حنث؛ لأنه لم يفعل ما حلف عليه في وقته من غير إكراه ولا نسيان، وهو من أهل الحنث (2). وينطبق هذا الحكم على من قال: والله لأشربن ماء هذا الكوز غداً، فاندفق اليوم، أو لآكلن هذا الخبز غداً، فتلف اليوم، يحنث.
المطلب العاشر ـ الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف:
الحلف على ما في ملك فلان:
إذا حلف إنسان على ما في ملك فلان: يحنث إذا كان الشيء مملوكاً له وقت فعل المحلوف عليه، سواء أكان ما في ملك فلان مملوكاً له وقت الحلف، أم لم يكن مملوكاً له حينذاك، كأن حلف (لا يأكل طعام فلان أو لا يشرب شراب فلان أو لا يدخل دار فلان، أو لا يركب دابة فلان، أو لا يلبس ثوب فلان) ولم يكن شيء منها في ملكه، ثم استحدث الملك فيها،
(1) فتح القدير: 101/ 4، تبيين الحقائق: 159/ 3، الدر المختار: 143/ 3 ومابعدها. مغني المحتاج: 347/ 4.
(2)
المغني: 786/ 8 ومابعدها.
فإن زال الملك عن فلان، فحدث الفعل المحلوف عليه: لا يحنث بالاتفاق. وأما في حال وجود الملك فيحنث وهو الحكم المقرر في ظاهر الرواية عند الحنفية؛ لأن هذه اليمين عقدت على المنع من الفعل في ملك فلان، فيعتبر الملك القائم يوم الفعل. وهناك رواية أخرى في النوادر عن محمد، ورواية أخرى أيضاً عن أبي يوسف.
لكن إذا حلف (لا يكلم زوج فلانة أو امرأة فلان أو صديق فلان، أو ابن فلان، أو أخ فلان) فإنه يقع على ما كان متحققاً وقت الحلف، ولا يشمل ما يحدث من زوجية وصداقة وولد في المستقبل، فإن زال عقد النكاح ورابطة الصداقة، فكلم المحلوف عليه حنث بالاتفاق.
وإذا حلف على ما في ملك فلان مع التعيين بالإشارة، كأن قال:(لا أدخل دار فلان هذا، أو لا أركب دابة فلان هذا، أو لا ألبس ثوب فلان هذا) فباع فلان داره أو دابته، أو ثوبه ثم دخل أو ركب أو لبس بعد زوال الملك عن فلان: لم يحنث عند أبي حنيفة وأبي يوسف إلا أن يعني ذات الشيء خاصة. وقال محمد: يحنث وإن زال ملك فلان إلا أن يعني ما دامت ملكاً لفلان، فأبو حنيفة وأبو يوسف اعتبرا الإشارة وإضافة الملك لفلان معاً وقت حدوث الفعل للحكم بالحنث فما لم يوجدا لا يحنث. ومحمد يعتبر الإشارة فقط.
واتفقوا على أنه لو حلف (لا أكلم هذا الشخص) أو (لا أدخل هذه الدار) أو (لا أركب هذه الدابة) حنث بالمخالفة، لأنه تعتبر العين المشار إليها (1).
(1) البدائع: 79/ 3.